تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بهذه الزاوية تلقى الشيخ تعليمه الثانوي، و بها تعرف على الشيخ العوادي و على المشايخ الذين أخذ عنهم من أمثال، الشيخ مصباح الحويدق، والشيخ محمود القريبع، والشيخ سعيد حناشي، والشيخ أحمد بن شليحة من مدينة بسكرة خريج القرويين، وغيرهم من المشايخ الذين استقدمهم صاحب الزاوية، من الزيتونة و غيرها، بقصد رفع مستوى التعليم في زاويته، فكانت الكفاءة العلمية تفوق مدرسة الشيخ ابن باديس رحمه الله.

مكث الشيخ بهذه الزاوية مدّة 3 سنوات، حيث التحق بها وعمره 16 سنة.

أمّا عن توقيت البرنامج ومحتواه فقال عنه: تبتدأ الدروس فيها على الساعة السابعة صباحا وإلى غاية الساعة 12، وفي المساء من الساعة الثانية إلى غاية الساعة الخامسة، فكان برنامجها مكثفا ومتنوعا، فهي حقا فرع للزيتونة، و يدرس فيها كل العلوم التي تدرس في الزيتونة، حيث كان الطلبة متفرغون للطلب فقط.

وللتاريخ يروي لنا الشيخ هذه القصة الطريفة عن الشيخ عبد الرحمن صاحب الزاوية قال: قال لنا يوما، سأستمر في هذا العمل إنشاء الله طوال حياتي، فإذا فنيت أموالي، فخذوني إلى السوق وبيعوني هناك لتواصلوا طلب العلم.

ثمّ أردف قائلا وكأنه يعاتب أهل زماننا هذا: أعطاه الله أموالا، فأنفقها كلّها في سبيل العلم، وخدمة أهله، رحمه الله تعالى.

5 ـ الشيخ الزاهد مبروك العوّادي:

حدثنا كثيرا عن هذا الشيخ الذي بلغ من العلم درجة أهّلته ليمثل الجزائر في مجمع الفقه الإسلامي لعدّة سنوات، أصله من مدينة عزّابة، وتعرّف عليه الشيخ في زاوية بلحملاوي بالعثمانية، ومكثا بها سويا مدّة 3 سنوات ينهلان العلم عن أساتذة أجلة.

و قال عنه أنّه: يمتاز بغزارة العلم والانطواء والانزواء عن الدنيا، خرج من الجزائر قاصدا مصر وقد امتلأ وطابه علما وفقها، التقى هناك بالرئيس هواري بومدين فآواه في بيته، كما تعرّف هناك بالوزير مولود قاسم، فكان يوجههما، ويرعى شؤونهما هناك، فلما رجع بعد الاستقلال إلى الجزائر، انزوى وانطوى من غير أن يعلم به أحد، فسمع بخبره السيد قاسم، فاستقدمه و نصّبه مستشارا في الوزارة، وكان علمه أكبر من منصبه، وحدثت الشيخ عن معرفتي بالشيخ رحمه الله ففرح وأخبرته عن بعض أحواله، و أنّه أوصى بمكتبته العامرة أن تصير وقفا لمسجد مدينة عزّابة بعد وفاته، كما أخبرنا الشيخ الطاهر بأنّ الشيخ العوادي كان على مذهب الظاهرية في الفقه، و أنّه كان يتقن المذاهب الأخرى كذلك، فرحم الله الفقيد، فلقد عاش غريبا ومات غريبا كما عاش،و لا من يقدّر علمه و منزلته.

6 ـ العودة إلى مسقط الرأس:

ثم رجع الشيخ إلى مسقط رأسه، أين تولى التدريس والتعليم بزاوية سيدي أحمد بن يحيى بأمالو، وهذا من سنة 1937م و إلى غاية سنة 1956م حين أحرق الجيش الفرنسي الزاوية، فالتحق الشيخ مع طلبته بجيش التحرير.

الشيخ في سطور:

ـ الشيخ العلامة الفقيه اللغوي محمد الطاهر أيت علجت، من مواليد قرية ثاموقرة ببني عيدل سنة:1917م.

ـ حفظ القرآن الكريم بمسقط رأسه وبزاوية جدّه الشيخ يحي العيدلي ـ رحمه الله تعالى ـ وبها تلقى المبادىء الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية

على يد شيخه العلامة السعيد اليجري ـ رحمه الله تعالى ـ.

ـ رحل إلى زاوية الشيخ بلحملاوي بالعثمانية ـ قرب قسنطينة ـ حيث أتمّ هناك دراسته الشرعية، من فقه ولغة ونحو وعلوم أخرى كثيرة مثل الرياضيات والتاريخ والجغرافية والفلك وغيرها.

ـ بعد تمكّنه تصدّر للتعليم والتدريس والإفتاء في زاوية ثاموقرة، وهذا قبل الحرب العالمية الثانية، فأحدث نهضة علمية إلى غاية 1956هـ.

ـ أنشأ نظاما خاصا بزاويته، شبيها بنظم المعاهد الإسلامية الكبرى، فكان تلامذته يلتحقون بالزيتونة بزاد من العلم والأدب يشرّف زاويتهم والقائم عليها.

ـ شارك في ثورة التحرير، هو وسائر طلبة الزاوية الذين التحقوا كلّهم بركب المجاهدين بعد أن هدّمت فرنسا زاويتهم سنة 1956م.

ـ سافر إلى تونس في أواخر سنة 57م بإشارة من العقيد عميروش الذي كان الشيخ يتولى منصب الإفتاء في كتيبة جيشه، كما كان يتولى فصل الخصومات.

ـ ومن تونس سافر إلى طرابلس الغرب ـ ليبيا ـ حيث عيّن عضوا في مكتب جبهة التحرير هناك.

ـ بعد الاستقلال وفي سنة 1963م عاد إلى وطنه الأول، وعيّن أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة و ثانوية عمارة رشيد ببن عكنون إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978م.

ـ ثمّ وبطلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد إلى نشاطه المسجدي، ليمارس دروس الوعظ والإرشاد بمسجد حيدرة وغيره من المساجد.

ـ تخرّج على يديه جملة من الطلبة المتمكنين، ومازال عطاؤه غير مجذوذ، فهو إلى يوم الناس هذا يعقد دروسا في الفقه والنحو وفن القراءات وغيرها من العلوم الشرعية بمسجد بوزيعة مكان إقامته.

ـ يعدّ الشيخ من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر.

ـ له مؤلفات في فنون كثيرة، كما هو الآن بصدد كتابة مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث وواقفه عبر مسيرته الرائدة.

حفظ الله شيخنا و بارك الله فيك و نفعنا الله بعلمه.

كتبها: عبد الرحمن دويب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير