تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الشخص الأول (وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ):

استخدم الشخصُ الأول في محاولة إقناع الأعشى بالذهاب إلى توديع هريرة ـ الأسلوب الإنشائي الطلبي، والفعل وإن كان أمرا فإنه يحمل معاني الدعاء والنصح، وكأن الشخص الأول يتسلل إلى نفس الأعشى من باب العاطفة، لاسيما وفعل الوداع يثير في النفس تلك الذكريات القديمة الجميلة، فلا شك أن الأعشى عندما سمع لفظة "ودع" استرجعت ذاكرته أيام وصاله مع هريرة والقرب منها.

ثم يستمر الشخص الأول في محاولاته المستمرة لإقناع الأعشى بالذهاب للوداع ـ فيستخدم اسم الحبيبة الذي يثير في نفس الأعشى كل معاني الحب والجمال، هريرة! ما أجمل اسم الحبيبة عند حبيبها! بل إن أذنه لتجد لذة عند سماعها لاسم الحبيبة وتذوقه، لذة تسري في جسده كله حتى تصل إلى قلبه فتنتشي عاطفته وتتوهج، يقول جميل بثينة:

أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها ** وَأَشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا

بقيت محاولة أخيرة من الشخص الأول للسيطرة على الأعشى من خلال عاطفته، فبعد أن أثار الذكريات الجميلة ثم معاني الحب ـ يبدأ في إثارة عاطفة الشوق لدى الأعشى من خلال قوله: " إن الركب مرتحل "، فلم يستخدم الجملة الاسمية فحسب، وإنما أكدها بـ (إن)؛ ليضع الأعشى أمام الحقيقة التي لا مفر منها، ألا وهي فراق المحبوبة والشوق إلى لقياها ولو لآخر مرة (الوداع).

الشخص الثاني: (وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ):

أما الشخص الثاني فيعد أن أتأر النظر إلى غريمه (الشخص الأول) ومحاولته التأثير على الأعشى عن طريق العاطفة ـ تأكد أن محاولته التأثير على الأعشى عن طريق العاطفة ستبوء بالفشل الذريع بعد جياش عاطفة الأعشى؛ فقرر أن يستميل الجانب الآخر من الأعشى: العقل والمنطق؛ فاستخدم الأسلوب الاستفهامي التقريري، ليجعل الأعشى هو نفسه من يقر بالإجابة وهي:

كلا لا أطيق.

وإذا كان الشخص الأول قد استعمل الإيحاءات العاطفية لكلمة "ودع" ـ فإن الشخص الثاني يستخدم السلاح نفسه ولكن عن طريق ذكر آثاره السلبية وما يتركه في النفس من جراح لا تندمل فقال "وهل تطيق وداعا"، إنها منطقية بحتة، فإذا كنت لا تطيق ذلك فكيف تذهب إليه؟!

كذلك رأينا محاولة أخرى من الشخص الثاني للتأثير على جانب العقل عند الأعشى، حيث استخدم أسلوب النداء (أيها)؛ ليلفت أنظار الأعشى، وليفيقه من سكرة العاطفة التي غلبت عليه في الشطر الأول، كذلك استخدم لفظة "الرجل" ليثير في نفس الأعشى معاني القوة والرجولة فيتخذ القرار الذي ترتضيه الرجولة وعقلانيتها، تلك الرجولة التي تقف في مواجهة العاطفة في الشطر الأول؛ لتخفف من غلوها وشدتها.

الشخص الثالث:

إنه الأعشى المتردد، الذي ظل صامتا طوال هذا البيت فلم ينطق، وإنما أخذ يستمع لأراء الشخصين، محاولا أن يرجح بينهما، وهنا موضع سؤالنا:

أي الرأيين اختار الأعشى؟

يتبع ...

ـ[عنبر]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 09:41 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلمت يمناك أستاذ جلمود

أتابع ما تكتبه باهتمام

واصل - من فضلك - وأمتعنا بارك الله بك

ـ[عكور]ــــــــ[28 - 09 - 2009, 10:53 م]ـ

بورك قلمك ياجلمود .. أخشى أن أقول إن موضوعك وافق هوًى في نفسي فيذهب بي الهوى بعيدا عن الموضوعية. فقد كنت وماأزال معجبا بهذا الشاعر وبمعلقته هذه وأفضلها في نفسي على بقية المعلقات ولقد أعجبني تناولك النقدي لمطلع هذه القصيدة فأكمل ياجلمود فإننا ضيوفك من الإنس , لكن في نفسي من هؤلاء الهواجس شيئا حيرني ..

ـ[جلمود]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 04:25 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلمت يمناك أستاذ جلمود

أتابع ما تكتبه باهتمام

واصل - من فضلك - وأمتعنا بارك الله بك

مرحبا بالأخت الفاضلة عنبر،

وشكرا لك على نشر أريج قلمك وشذا عنبرك على نافذتي،

وتسرنا متابعتك بله اهتمامك!

تحياتي!

ـ[جلمود]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 05:46 ص]ـ

بورك قلمك ياجلمود .. أخشى أن أقول إن موضوعك وافق هوًى في نفسي فيذهب بي الهوى بعيدا عن الموضوعية. فقد كنت وماأزال معجبا بهذا الشاعر وبمعلقته هذه وأفضلها في نفسي على بقية المعلقات ولقد أعجبني تناولك النقدي لمطلع هذه القصيدة فأكمل ياجلمود فإننا ضيوفك من الإنس , لكن في نفسي من هؤلاء الهواجس شيئا حيرني ..

جزاك الله أخي الفاضل عكور،

وأكرم بك من ضيف!

ـ[بل الصدى]ــــــــ[29 - 09 - 2009, 02:46 م]ـ

متابعة باهتمام!!

و لكن أليس البيت:

أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها ** وَأَشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا

لمجنون ليلى من قصيدته التي مطلعها:

تذكرت ليلى و السنين الخواليا 0 0 0 و أيام لا نخشى على الهوى ناهيا؟

ـ[المجرم الطيب السريره]ــــــــ[30 - 09 - 2009, 02:43 م]ـ

أشعر وكأني لأول مرة أسمع هذه المعلقة مع أني أحفظها كاملة

لكن يبدو أن الإنسان لن يتوصل إلى نهاية شيء ما , بل سيكتشف المزيد في كل مرة يعيد فيها النظر بما تعلم سابقا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير