تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن يدفع بالقارئ إلى تصديق المعلومات التي أدرجها في روايته، إنما هي معلومات استقاها المؤلف من مصادر تاريخية موثوقة، وكثير منها معروف للمتخصصين في الدراسات المسيحية، فلا يمكن عد الرواية مصدراً لمعلومات مجهولة.» () ولم يكن "دان براون" ليغامر متزيِّدا على تاريخ المسيحية بشيء، وإنما كان سحر الرواية في الكيفية التي عرضت بها نفسها، مسفهة أحلام المؤسسات الرسمية التي ترفع تاريخها الخاص في وجه العامة من الناس. فكانت الرواية ذلك الوجه الثاني الذي استغل ريبة الناس في هذا القرن في المؤسسات مهما كانت شرعيتها، والتفاتهم إلى ما يقوله الغير في لغته وأساليبه الخاصة.

3 - خطورة الرواية:

إذا سلمنا بأن الرواية التاريخية تطرح نفسها اليوم –في خضم الفوضى الإعلامية وكثرة الأصوات –بديلا للتاريخ، تقدم حقيقة أخرى غير التي ترفعها المؤسسات الرسمية، وتعمل على ترسيخها في أذهان الأجيال من خلال المقررات الدراسية ووسائل الإعلام، معتمدة في ذلك الأساليب الشعبية القائمة على الإثارة والدهشة والتهويل، فإنه يتعين علينا أن نسلم بخطورة الرواية وهي تنتحل هذه المهمة، وتلبس هذا الرداء. وقد طُرح السؤال عاريا فيما يتعلق ب"شفرة دافنشي" وكان الرد في جميع الثقافات واحدا. يقول "عبد الله إبراهيم": «أجد في هذه الرواية مزجاً شديد الذكاء بين مادة تاريخية-دينية -أسطورية، وإطار سردي يعتمد أسلوب البحث المتقطع، والمتناوب، والسريع، فالرواية من روايات البحث والتحقيق، شأنها شأن رواية «اسم الوردة» " لأمبرتو إيكو" " Umberto Eco" التي صدرت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ولاقت شهرة مماثلة، فالروايتان تنهلان من المادة التاريخية حول المسيحية بطريقة البحث والتحقيق، وتهدفان إلى إزالة الشوائب الزائفة حولها، فيما يعتقد المؤلفان. تقدم الرواية نقضاً متتابعاً للمسلّمات التي ترسخت في وعي المسيحيين، عن شخصية المسيح، وأسرته، وعلاقته بالمرأة، ثم تكشف الاستراتيجية التي اتبعتها الكنيسة في إعادة إنتاج المسيحية بما يوافق مصالح البابوات وكبار رجال الدين منذ القرن الميلادي الثالث إلى اليوم، وبذلك تهدم اليقينيات المتداولة في أذهان المؤمنين بالعقيدة المسيحية التي رسخها التفسير الكنسي الضيق للمسيحية، وتقدّم وجهة نظر مغايرة لوجهة نظر الكنيسة عن كل الظروف التي رافقت نشأة المسيحية الحقيقية.» () وما يحمله الشاهد في طياته، يُعدد مكامن الخطر في الرواية التاريخية التي تزعم أنها –عبر المتخيل-تحاول إنارة الجانب المظلم من التاريخ. غير أنها لا تعمل إلا على:

-مزج المادة التاريخية بالديني والأسطوري والمتخيل.

-تهدف على إزالة الشوائب عن الروايات الرسمية.

-تهدم اليقينيات المتداولة في أذهان الناس.

-تقدم وجهة نظر مغايرة للرسمي المؤسساتي.

وحين نلتفت إلى شاهد آخر، نقع على نفس المخاوف يسجلها "فكتور لوبان" " Victor Loupan " في رده على السؤال التالي:

إلى أي مدى يشكل دان براون خطرا على الكنيسة الكاثوليكية؟

فيكتور لوبان: ليس دان براون حاذقا في مجال التسويق يستخدم كافة الوسائل المتاحة، إنه كذلك مفكر. فإذا نظرنا إليه من خلال "شفرة دافنشي" و"ملائكة وشياطين" تبين لنا أنه يتبع مشروع خلخلة مصداقية الكنيسة الكاثوليكية في أوساط الجمهور الواسع. ففي روايته الأولى، يقرر أن سبب كل شيء هو الكذبة الكبرى لروما، التي نسخت الأناجيل وشكلت قوانينها لإخفاء دور ماري المجدلية. في الثاني فهي كذبة "مؤامرة التنويريين" التي اخترعت في الفاتيكان لخدمة الفاتيكان. فالروايتين إذن هما طوربيدان ضد المسيحية، وخاصة ضد الكاثوليكية. إن مهمة دان براون سهلة بمكان، لأنه في مقدوره أن يصرح بكل شيء يخص الكنيسة الكاثوليكية والمسيحية، مادامت ثقافة العامة تجهل كلية الأفكار والتاريخ. ()

إن "دان براون" حسب "فكتور لوبان":

-مفكر يهدف إلى غاية (صاحب مشروع).

-تشكيك الجمهور في مصداقية الكنيسة الكاثوليكية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير