[الأمثال ماذا تقول ... ؟]
ـ[أنامل العربية]ــــــــ[22 - 09 - 2004, 07:03 م]ـ
بسم الله… والصلاة على رسول الله….
أما بعد….
نسمع الكثير من الأمثال منها ما نطرب له… ومنها ما نقف عاجزين عن فهمه… ومنها ما نعرف لفظه دون قصته…
ولقد وُضعتْ كتبٌ كثيرة في الأمثال ولكن بعضها لم يشبع رغبتنا الملحة في معرفة المزيد عن المثل .. وكيف يكون معلما عظيماً للاستفادة منه والسير على ما يحمل من تجارب وخبرة .. ودرية ودراية في خضم هذه الحياة….
وهذا الكتاب الذي وضعته في الأمثال .. حاولت جاهداً أن يستفيد به القارئ في حياته وعمله وسلوكه…
هذه هي المقدمة التي بدأ بها المؤلف حبشي فتح الله الحفناوي كتابه (الأمثال ماذا تقول…؟)، تناول المؤلف في كتابه هذا الأمثال التي ما هي إلا نتاج لخبرة عميقة في الحياة وحصاد فكر عميق طويل ودليل ذكاء وفطنة، يوضح فيه لنا معنى المثل وأبعدَ ما فيه من غرابة وإبهام مع التعليق على المثل بما يتناسب وظروف الحياة وكيف نستفيد منه.
اخترت لكم بعضاً من هذه الأمثال التي يتداولها الكثيرون، وقلة منهم يدركون أسرارها ومعانيها، فإليكم إخوتي هذه الأمثال التي تعد معْلماً من معالم تراثنا الأدبي العريق:
? (لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين).
قصة المثل:
يقولون: إن شاعراً مشركاً كان يهجو المسلمين ويسبهم ويعيبهم، وكان اسم هذا الشاعر (أبو عزة الجمحي) اشترك مع المشركين في غزوة بدر ضد المسلمين، ولكنه أُخذ أسيراً من المشركين فجعل يتذلل للرسول- صلى الله عليه وسلم- ويستعطفه أن يطلق سراحه ويمن عليه بالحرية بدون فداء لضعفه وفقره وتأثر الرسول- صلى الله عليه وسلم0 فمنَّ عليه وأطلق سراح، ولكنه عندما عاد إلى مكة جعل ينال من المسلمين بشعره ويهجوهم.
وحضر مع المشركين في معركة أحد، وأخذ أسيراً أيضاً في هذه المعركة، فعاد إلى التذلل والاستعطاف مثلما فعل في المرة السابقة، فقال له الرسول- صلى الله عليه وسلم-: لاتمسح عارضيك بمكة وتقول: سخرتُ بمحمد مرتين، وأمر الرسول به فقتل.
فقال فيه الرسول هذا الحديث الذي صار مثلاً، ويضرب هذا المثل: لأخذ الحذر والفطنة والكياسة.
? (إياك أعني واسمعي يا جارة)
قصة المثل:
خرج سهل بن مالك الغزاري يريد الملك النعمان، فمر بأحياء قبيلة طيئ فسأل عن سيدها فقيل له: حارثة بن لأم.
فذهب إليه فلم يجده فقالت له أخته: انزل في الرحب والسعة.
فنزل فأكرمته ولاطفته… ثم خرجت من الخباء، فرأى سهيل جمالها وسحرها وكمالها فدخلت قلبه ولكنه لم يعرف كيف يتصرف.
فجلس يوما أمام الخيمة وجعل ينشد ويقول وهي تسمع:
يا أخت خير البدو والحضارة: كيف ترين في فتى فزارة؟
أصبح يهوي حرة معطارة: إياك أعني واسمعي يا جارة
فلما سمعت ذلك عرفت أنه يقصدها فقالت:
ماذا يقول ذي عقل أريب…
ولا رأي مصيب…
ولا أنف نجيب…
فأقم ما قمت مكرماً… ثم ارتحل متى شئت مسلماً …
ويقال أنها أنشدت شعراً في ذلك فقالت:
إني أقول يا فتى فزارة: لا أبتغي الزوج ولا الدعارة
ولا فراق أهل هَذي الجارة: فارحل إلى أهلك باستخارة
فاستحى الفتى وقال: ما أردت منكراً…واسوأتاه…!!
قالت: صدقتَ، وقد أحست أنها تسرعت في تهمته، فارتحل.
فأتى النعمان وقضى حاجته ثم رجع ونزل على أخيها وأحبته الفتاة وتمنت أن تتزوجه… فارسلت إليه كي يخطبها إن كان يريدها، فخطبها وتزوجها وحملها إلى قومه.
ويضرب هذا المثل: لمن يتكلم بكلام ويطلب به شيئاً آخر غيره.
? (خلا لك الجو فبيضي واصغري)
قائل هذا المثل طرفة بن العبد.
ومعنى المثل: خلا الجو لك فافعلي ما تريدين.
قصة المثل:
يقولون: إن طرفة كان مع عمه في سفر وهو صبي صغير، فنزلوا في مكان فيه ماء، فذهب طرفة بفخ له ووضعه ليصيد به الطيور، وظل طول اليوم دون أن يصيد شيئاً.
ثم رفع فخه وعاد إلى عمه وانتقلوا إلى مكان آخر، فرأى الطيور يأكلن الحبوب المنثورة.
فقال: يالك من قنبرة بمعمر: خلا لك الجو فبيضي واصغري
وانقري ما شئت أن تنقري: قد رحل الصياد عنك فأبشري
ورفع الفخ فماذا تحذري؟: لابد من صيدك يوماً فاصبري
? (كل الصيد في جوف الفرا)
ومعنى المثل: أن كل ما حصلته صغير بالنسبة لما حصلته أنا، وكل ما صدته قليل بجانب ما صدته أنا.
والفَرا: الحمار الوحشي.
¥