[وتستمر معاناة المعلم - قصيدة]
ـ[الظامئ]ــــــــ[07 - 12 - 2004, 10:27 ص]ـ
أهدي هذه القصيدة التي أعجبتني إلى أعضاء هذا المنتدى
وهى تتحدث عن معانة المدرسين
نجومُ الحُبِّ أَحيَتْ مِهرجانا = دَعَتْ لحضورهِ الشُّهُبَ الحِِسانا
على شَرفِ الأمينِ أَبي المعاليْ =تُبينُ به الفَخارَ وما أبانا
تَتيهُ بحسْنِ طلعتِه غيارى =تُحاذِرُ أن تغادِرَهُ افتتانا
فقلتُ: أكوكبٌ في الأرضِ عانى =تخيَّرتِ الكواكبُ أن يُصانا؟
وهل مَلِِكٌ تقيٌّ أم نبيٌّ =أمَ انَّهُ صانعُ التاريخِ كانا؟
فقلنَ: وليدُ طينٍ إنَّما قد =حَباهُ الله خُلْقاً ما حَبانا
يَفُضُّ حَشاهُ يزرعُها بنشئٍ =لتُزهرَ نرجساً أو أُقحوانا
هو الفادي بما ملكَتْ يداهُ =فؤاداً باتَ في فمِه لِسانا
أَصابعُهُ مناراتُ اللياليْ =فلم ترَ كفُّهُ للبذلِ شانا
فخُذْ بيديهِ وانظرْها برفقٍ =ترَ "الطُّبشورَ" قد حَفَرَ البنَانا
رويداً يبتني بدَناً سليماً =ونفساً حُرَّةً وحِجىً مُزانا
مع الأطفالِ لا عجَباً تَراهُ =يُصفِّقُ راقصاً آناً وآنا
عَلا قِممَ المكارمِ والعطايا =ومَنْ بِعُلاهُ مُبتَهجٌ سِوانا!؟
رأينا أن نُهنِّئَهُ بعيدٍ =فأَصعدناه نُغدِقُهُ هوانا
أَيُغْدَقُ ناحِتُ الأحجارِ شُكراً =وليس يُثابُ من يبني كَيانا؟
إذا صعُبَ الوفاءُ على مُريدٍ =فعندَ مُعّلِمٍ تَلْقاهُ هانا
فقلت: فديُتُكُنَّ دعوهُ نَجْماً =أخافُ عليه إن هَبَطَ الهوانا
أَفقْتُ يهُّزني صَخَبٌ قويٌّ =وإذْ بيْ عشتُ في الرُّؤيا زمانا
إلى "طوقانَ" أُقرئُهُ سلاماً =ولستُ أظنُّهُ يوماً هجانا
قَلا "التعليمَ" يهجوُه طويلاً =أَجرّبَ غيَر عامٍ ما كوانا؟
إلى الزملاءِ معذرةً لأني =سأرفعُ عن مكابِدِنا الكَنانا
لكمْ عانيتُ مِنْ وَلدٍ بَليدٍ =أُوَضِّحُهُ السؤالَ فما استبانا
أقولُ: بُنيَّ!! ... يا روحْيِ وَعيْني =أَبوكَ ابتاعَ أَدْياكاً سِمانا
بألْفٍ سَدَّدَ الثُّلُثينِ نقْداً =وثُلْثٌ مُؤْجَلٌ، فكمِ استدانا!؟
يُقطِّبُ حاجبيهِ مُرادَ حَلِّ =ويبلعُ ريقَهُ فَعَساهُ لانا
ويفرُكُ فَرْوَةَ الرأس اهتبالاً =لعلَّ الحَلَّ في الشَّعْرِ استكانا
وَيقذِفُ شارداً رقَماً مخيفاً =يَكادُ يَهُدُّ حاصلُهُ المكانا
فأُطرِقُ ضارباً كفاً بكفٍ =وأَضْرَعُ: يا مُغيثُ أَلا ترانا؟
ومِنْ مُتمارضٍ لم يقوَ مشْياً =برفقةِ طالبينِ قدِ استعانا
على كتفيهما اتكأَتْ يداهُ =يكادُ يَخِرُّ بينهما مُهانا
وَجفنَاه قدِ انفتَحا قليلاً =تخالُ بناظريهِ الحَتْفَ حانا
فتمتمَ لاِهثاً: إنيْ مريضٌ =فقلتُ: شُفيتَ ما بِكَ؟ .... ما عسانا؟
وبيْ ممّا بهِ ريبٌ دفينٌ =تساوينا على رَيْبٍ كلانا
وقلتُ: إذن سأُرْكِنُهُ عسى أَنْ =يَمَلَّ فربما خَسِرَ الرِّهانا
وكابَرَ في تمارضهِ طويلاً =كَأَنْ رامَ الدَّعيُّ ليَ امتحانا
ولمّا أَنْ مَلَلْتُ أَذِنْتُهُ إذ =بهِ قد كَرَّ تحسَبُه حِصانا
إلى الباب العتيدِ يَهُمُّ فتحاً =كقِطٍّ غانمٍ في الأَسْرِ عانى
وحيثُ يُعارِكُ المِزْلاَجَ عَرْكاً =ومِن إنفاذِ حيلَتِهِ تدانى
مُجيلاً طَرْفَهُ المِِزْوَرَّ نحوي =يَشِفُّ لعلَّ حَدْسِيَ فيهِ خانا
صرخْتُ عليه: قِفْ وتعالَ فَوْراً =فعادَ يشُدُّ لِِلْقََدَمِِ العِنانا
يُقدِّمُ خُطوةً ويُعيقُ أُخرى =يَجُرُّ إليَّ خيبتَهُ مُدانا
وكَرَّ لِصَفِّهِ يُغضي حياءً =لِما فعلت يَداهُ وما استهانا
وآخرُ شاءَ دفنَ أخيه حيّاً =أتى وأساهُ تلحظُهُ عِيانا
يُحمِّرُ صفحَتيْ خدّيهِ دمْعٌ =يكاد يفِرُّ ناظرُهُ احتِقانا
ومسَّحَ دمعَهُ بقفا يديهِ =وطأطأَ حيث فينا الصّمْتُ رانا
فَقلتُ: بُنيَّ خَفِّفْ عنكَ، ماذا =بكاؤك؟ قال: مِنْ قَدَرٍ دهانا
فعصرَ الأَمسِ في جمعٍ غفيرٍ =إلى مثواه شَيَّعْنا أخانا
قضى في أرضِ لبنانٍ شهيداً =يُذيقُ الموتَ محتلاّ جبانا
وإِنَّ لِوالدِيَّ عليَّ حَقَّاً =بأنْ أرعى شُؤونَهما زَمانا
وخمسةُ إخوةٍ ريعوا صغاراً =بيَ التمسوا الرعايةَ والحنانا
وأَجْهَشَ يَسْتدِرُّ، فَكِدْتُ لولا =ظُنوني أَنْ يَكونَ معاً بُكانا
وما شهدت عيونيْ قطُّ دمعاً =هَمى يختارُ صاحبُهُ الأَوانا
فقلت له: فطِبْ شَرَفاً وفخراً =لأَدعو الله يُدخِلُهُ الجِنانا
ولبيّتُ الفجيعَ قضاءَ وقتٍ =مع الأهل المصابينِ الحَزانى
وطال غيابُه فرأيت أني =أَجدَرُ أن أَخُطَّ لهُمْ بيانا
ويوماً جاءني رجلٌ رزينٌ =بجانبه احتمى خَجِلاً فتانا
وناولني البيانَ وراحَ غَيْظاً =يُسَدِّدُ للفَتى نَظَراً سِنانا
وقالَ: وصلتُ مِن لبنانَ تَوَّاً =ويؤسفني غيابَ أَخٍ توانى
وإذ بأخيهِ حَيّاً جاء يسعى =صَحيحاً، لا "غُبارَ" عليه بانا
مديرٌ حازِمٌ وأخٌ هصورٌ =وقد ضحِكَ الشقيُّ على لِحانا
لواحدِ كُمْ مِنَ الأَفلاذِ خَمسٌ =يُهَيِّئُ في سياستِهم مِرانا
ونحن بألفِ محبوبٍ "شقّيٍ" =عصينا مرةً فبهِمْ رمانا
سألتُ المجدَ مَنْ سَوّاكَ مجداً =ومَنْ خَلاّك ذا قَدْرٍ مُصانا؟
تتيهُ مع الكواكبِ مُسْتفِزّاً =عنانا مِنْ أمورِكَ ما عنانا؟
تُقصِّرُ عن تطاولِكَ الأماني =وتصعُبُ إذ تُراوِدُكَ احتِضانا؟
فقال: معلِِّمٌ مَلَكَ السجايا =سأبقى الدَّهرَ أشكُرُهُ امتنانا
منقولة من موقع الساخر