[من روائع الجواهري ..]
ـ[السراج]ــــــــ[02 - 01 - 2005, 10:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصيدة الراعي .. من روائع الشاعر محمد مهدي الجواهري
لفّ العباءةَ واستقلاَّ ** بقطيعهِ عَجَلاً .. ومهلا
وانصاعَ يسحبُ خَلْفَه ** ركباً يُعرِّسُ حيثُ حلاّ
أوفى بها .. صِلاًّ يُزاحم في ** الرمال السُمْرِ صِلاّ
يرمي بها جيلاً فتتبع ** خطوَهُ .. ويحطُّ سَهلا
بدا يُقاسِمها نصيباً ** من شَظيف العيش عَدلا
يَصلى كما تَصلى الهجيرَ ** وتستقي ثَمَداً وضحلا
يُومي فتفهم ما يريد ** ويرتمي فتهبُّ عجلى
وتكاد " تُعرِبُ " بالثُغاء ** " هَلاً " و " حيهِلاّ " و " هلاّ "
تقفو بعين النّسر ترقب ** أجْدلاً - ذِئباً أزلاّ
ويحوطُ كالأسد اجتبى ** أشبالَه .. جَديا وسَخلا
أوفى على روض الحياةِ ** يجوبه حَقلاً فحقلا
وارتدّ يحملُ ما يصونُ ** ذّماً .. وما أغنى وقلاّ
" ناياً " يذود به الونى ** ويلوّنُ النّسَقَ الممِلاّ
وعصاً يهشّبها .. ويرقى ** ذروةً .. ويقيم ظِلاّ
... **
يا راعي الأغنامِ: أنتَ ** أعزُّ مملكةً وأعلى
لله مُلْكك ما أدقّ ** وما أرقّ .. وما أجلاّ
يَرويك من رَشَفاتهِ ** قمرُ السماءِ إذا أطلاّ
ويقيكَ في وَعْثِ السُرى ** وهَجُ المجرّةِ أن تضلاّ
وتلمُّ في الأسحار ** عنقودَ النجوم إذا تدلّى
أبداً تَشيمُ الجوّ تعرف ** عنده خِصباً ومَحْلا
وتكاد تَغْرفُ وابلاً ** حذقاً .. وترشِفُ منه طلاّ
تُزهَى، بأن الأرضَ خضراءٌ ** زَهَتْ نبتاً وبقلا
وتدُّ لو حَنَتِ الفصول ** على الربيع فكنّ فَصْلا
ولو أن كل الناس مِثْلَكَ ** من غضارتِها تَملّى
أُعطيتَ نفساً لَمّتِ الأجزاءَ ** حتى صِرْنَ " كُلاّ "
وأسلْت " بُعداً " في غمارِ ** الذكريات فعاد " قَبلا "
عَريان من " عُقَدِ " النفوس ** عصِلنَ .. فاستعصينَ حلاّ
لم ترعَ من شجر التكالُبِ ** وارفاً حِقداً وغلاّ
وجهِلْتَ مُترَفةَ الحياةِ ** تذوّبت كَسَلاً وذلاّ
لم تخشَ بؤسَ غدٍ يشوِّه ** من جمال " اليوم " شَكلا
أطيافك الزَّهرُ النديُّ ** شذىً، وألواناً، وظِلاّ
ومطارح " المِعزى " تُعاوِدُ ** عندَها وطناً وأهلا
وكسَرْحك الرعي تعنُّ ** رُؤاك .. مُعْلَمةً وغُفْلا
ترتاد " مُعجمةُ " الدُّنى ** وتجوسُها فصلاً ففصلا
وتُسامِرُ النجوى تَعِبّ ** بكأسها نَهْلاً وعلاّ
وتَرى مُلوّنةَ الطبيعةِ ** إذ تغمُّ .. وإذ تحلّى
غُوْلَ الظلام إذا تعلّى ** وسنا الصباح إذا تجلّى
... **
حُييّتَ راعي الضأنِ يرعى ** ذِمّةً كبُرت و " إلاّ "
تلك الأمانةُ أودعتْ ** فيك كُفْو وأهلا
كانت له غِلاّ ** وآخرُ شاءَها للناس غَلا
ما أقبح الدنيا إذا ** ضلَّ الرعاة وما أضلاّ
السراج