[يا بني قومي تأملوا الفصاحة!!]
ـ[عربية]ــــــــ[28 - 11 - 2004, 10:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلى الله على الحبيب المصطفى أحبتي تأملوا هذه الخطبة وترنموا ببلاغتها وتطيبوا بعبيرها ولا تنسوا .. أن تكرموا وجه صاحبها الذي رباه قائد هذه الأمه وأفصحها عليه صلاة من ربه وسلام .. فتأملوا خطبة أبا الحسن ليث بني غالب سيدنا علي بن أبي طالب _كرم الله وجهه ورضي عنه _ من أشرف آل البيت ابن عم رسول الله وزوج ابنتنه الطاهرة الزهراء رضي الله عنهم. أجمعين ..
الخطبة العجيبة «الغراء» لسيدنا علي كرم الله وجهه
ومن خطبة له عليه السلام
وهي من الخطب العجيبة تسمّى «الغراء»
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَلاَ بِحَوْلِهِ، ودَنَا بِطَوْلِهِ، مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَفَضْلٍ، وَكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَ أَزْلٍ. أَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ، وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ، وَأُومِنُ بهَ أَوَّلاً بَادِياً، وَأَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً، وَأَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً _ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ _ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ لإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ، وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي ضَرَبَ الْْأَمْثَالَ، وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ، وَأَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ، وَأَرْفَغَ لَكُمُ المَعَاشَ، وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ، وَأَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ، وَآثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابغِ، وَالرِّفَدِ الرَّوافِغ، وَأَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ، فَأَحْصَاكُمْ عَدَداً، ووَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً، فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ، وَدَارِ عِبْرَةٍ، أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا، وَمُحَاسِبُونَ عَلَيْهَا.
فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا، رَدِغٌ مَشْرَعُهَا، يُونِقُ مَنْظَرُهَا، وَيُوبِقُ مَخْبَرُهَا، غُرُورٌ حَائِلٌ، وَضَوْءٌ آفِلٌ، وَظِلٌّ زائِلٌ، وَسِنَادٌ مَائِلٌ، حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا، وَاطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا، وَقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا، وَأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا، وَأَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلى ضَنْكَ الْمَضْجَعِ، وَوَحْشَةِ الْمَرْجِعِ، ومُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ، وَثَوَابِ الْعَمَلِ، وَكَذلِكَ الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ، لاَتُقْلِعُ الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً، وَلاَيَرْعَوِي الْبَاقُونَ اجْتِرَاماً، يَحْتَذُون مِثَالاً، وَيَمْضُونَ أَرْسَالاً، إِلَى غَايَةِ الْإِنْتِهَاءِ، وَصَيُّورِ الْفَنَاءِ.
حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الْأُمُورُ، وَتَقَضَّتِ الدُّهُورُ، وَأَزِفَ النُّشُورُ، أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ، وَأَوْكَارِ الطُّيُورِ، وَأَوْجِرَةِ السِّبَاعِ، وَمَطَارِحِ الْمَهَالِكِ، سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ، مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِهِ، رَعِيلاً صُمُوتاً، قِيَاماً صُفُوفاً، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الْإِسْتِكانَةِ، وَضَرَعُ الْإِسْتِسْلاَمِ وَالذِّلَّةِ، قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ، وانْقَطَعَ الْْأَمَلُ، وَهَوَتِ الْْأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً، وَخَشَعَتِ الْْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً، وَأَلْجَمَ الْعَرَقُ، وَعَظُمَ الشَّفَقُ، وَأُرْعِدَتِ الْْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعِي إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ، وَمُقَايَضَةِ الْجَزَاءِ، وَنَكَالِ الْعِقَابِ، وَنَوَالِ الثَّوَابِ.
عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً، وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً، وَمَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً، وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً، وَكَائِنُونَ رُفَاتاً، وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً، وَمَدِينُونَ جَزَاءً، وَمُمَيَّزُونَ حِسَاباً ; قَدْ أُمْهِلُوا في طَلَبِ الْمَخْرَجِ، وَهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ، وَعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ، وَكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ، وَخُلُّوا لمِضْماَرِ الْجِيَادِ، وَرَوِيَّةِ الْإِرْتِيَادِ، وَأَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ، فِي مُدَّةِ الْْأَجَلِ، وَمُضْطَرَبِ الْمَهَلِ.
¥