[نجاح الفشل]
ـ[الظامئ]ــــــــ[10 - 11 - 2004, 12:27 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تعجبكم هذه المشاركة التي اخترتها لكم وهي منقوووولة عن موقع الساخر
قصة نجاح / المقهور
في محيط مليء بالفشل وأهله، ليس عيبا أن نتكلم عن النجاح ولو كان نجاحنا الشخصي.
إنني أرى الصبية الذين يقفون عند إشارات المرور يستجدون أو يغلفون استجداءهم بعلبة مناديل ورقية أو عطر للسيارة، كذلك أرى وأسمع عن الخريجين الجالسين بانتظار الوظيفة الحكومية، وأشاهد الكثير من الأنشطة التجارية والخدمية (مطاعم، مغاسل، صالات انترنت، .... ) تفتح أبوابها اليوم لتقفلها غدا بعد خسائر معتبرة ونفقات لا يستهان بها تحصدها البلديات والجهات الرسمية ذات العلاقة والعاملون في حقل الديكور واللوحات الإعلانية.
نعم .. حتى لو كان نجاحنا الشخصي.
عندما أقول أنني إنسان ناجح فأنا أستفز من حكموا على أنفسهم بالفشل للقيام بخطوة في الطريق الصحيح، ولا أقول ذلك لأتعالى أو أدعي التميز عن غيري.
فأنا إنسان عادي، حتى أنني لست عصاميا، كما يقال.
فلم أبدأ من الصفر، بل من إرث عن والدي رحمه الله، وفي زمن يعتبر فيه عدم إهدار الإرث نجاحا، فإن تنميته واستثماره المنتج نجاح مربع.
لم أرث مالا سائلا، بل كان نصيبي من تركة المرحوم والدي عمارة مكونة من أربعة أدوار في منطقة ممتازة يمكن القول أنها تجارية وسكنية في الوقت نفسه، وكل ما فعلته بعد أن آلت الملكية إلي رسميا أنني استقدمت كاتبا لمتابعة تحصيل الإيجارات وليكون سائقا شخصيا وبوابا للعمارة أيضا.
وجهت خطابات إلى السكان أطالب فيها برفع الإيجار:
الفا للشقة الصغيرة من غرفتين.
ألفين للشقة المكونة من ثلاث غرف.
وأربعة آلاف عن الشقة ذات الأربع غرف.
أما بالنسبة للمحلات التجارية الكائنة في الدور الأرضي فقد كانت الزيادة المطلوبة أكبر قليلا.
لقد كان الخطاب واضحا وحاسما: إما التوقيع على عقود بمبالغ الإيجار الجديدة أو الإخلاء عند نهاية العقود القديمة،
وقد حاول أحد المستأجرين أن يناقش الموضوع، فالعمارة قديمة ولم تطرأ عليها أية إصلاحات حتى أنه لم يعد صبغها كان الجواب واضحا وبسيطا: لقد تحسن سوق العقار خصوصا بعودة الأموال العربية من الخارج.
وقد يسأل سائل: وأين العبقرية في هذا؟؟ فقد يترك السكان شققهم وتقع الخسارة الأكيدة.
هنا يكمن الفرق بين النجاح والفشل: أن تعرف نقاط قوتك ونقاط ضعف عدوك أو خصمك إن شئت التخفيف.
فلا يمكن تفعيل احتجاجات السكان إذ أن العقد شريعة المتعاقدين ولا يوجد جهة للفصل في خصومات من هذا النوع، فالمستأجر مكشوف، كما أنه من المعروف أن الإنسان بعد أن يستقر في سكنه ويرتب أمور حياته ومدارس أولاده وفقا لموقع السكن الجديد وبعد أن يضيف لمساته الشخصية على المأجور فهو ـ في الغالب الأعم ـ لن يتخلى عنه بسبب زيادة في الإيجار، إلا إذا كان أصوليا إرهابيا يدخل الدين في التجارة أو مريضا بعقدة الاضطهاد من الذين يشعرون أنهم يتعرضون للسرقة بشكل دائم.
وهكذا كان.
لقد وافق الجميع على زيادة الإيجار .. وهنا جاء الوقت لضربة ذكاء أخرى:
* وقع!
ـ ماذا أوقع؟؟
* العقد الجديد!
ـ نعم .. ولكن ما هذا؟ 3 .. ماء سنويا و 5 .. تأمين كهرباء و 12 .. لحارس العمارة و 15. لشفط البيارة .. أليس شفط البيارة مجانيا؟
* بلى .. ولكن هل تضمن أن يبقى مجانيا، ثم أن الماء ليس مجانا وحارس العمارة لا يعمل بالطاقة الشمسية
ـ أجل .. ولكن .. هذا كثير .. ثم ما هذا الشرط هنا؟
* أي شرط؟
ـ هذا .. الثامن والستون والذي يقول: يحق للمالك أن يقطع الماء والكهرباء عن المستأجر فور تخلفه عن تسديد الإيجار في التاريخ المتفق عليه ..
* أولا تنوي أن تدفع؟
ـ بلى .. ولم يحصل أن تأخرت خلال السنوات العشرين الماضية والوالد رحمه الله كان كثيرا ما يقول لي: لماذا العجلة .. لعلك في حاجة للمبلغ .. الخير موجود والحمد لله، ولكنني كنت أصر على الدفع في الموعد.
* الحمد لله! فما المشكلة
ويوقع .. يوقع وهو ينحي كوب الشاي البارد الذي أحضره البواب .. يوقع ويمضي.
¥