** الصّمصامة أشهر سيوف العرب أين ذهب؟؟ **
ـ[الأزدي]ــــــــ[13 - 01 - 2005, 12:36 ص]ـ
:::
((الصّمصامة أشهر سيوف العرب أين ذهب؟))
تأليف: محمود مفلح البكر
لم يبلغ سيف من سيوف العرب ما بلغه "الصمصامة" سيف عمرو بن معديكرب الزبيدي، من شهرة وما مر عليه من أحداث، وما دار حوله من حكايات، رأته في مجال الواقع، ودفعته إلى مشارف الأسطورة، فغدا أشهر من ملوك كثيرين، وهناك أناس لا نجد أنفسنا في حاجة إلى ذكرهم، أو تذكرهم، لولا ارتباط أسمائهم- وإن مصادفة- بهذا السيف الذي توغل بداياته في عالم الحكايات، وتنطوي نهايته في مرحلة رديئة صنعها فساد الحكم.
عراقة الصمصامة:
يذكر بعض الرواة أن الملكة بلقيس أهدت إلى الملك سليمان خمسة أسياف هي: ذو الفقار، وذو النون، ومجذوب، ورسوب، والصمصامة.
وجميعها مشهورة قبل الإسلام، فقد كان ذو الفقار لمنبه بن الحجاج أخذه الرسول منه يوم بدر. ومجذوب ورسوب للحارث بن جبلة الغساني، وذو النون والصمصامة لعمرو بن معديكرب الزبيدي (1) أحد مشاهير الأبطال في الجاهلية والإسلام.
ويروي بعضهم أن "الصمصامة" من بقايا السيوف اليرعشية الحميرية، وأن الملك الحميري علقمة بن ذي قَيْفان أهداه لعمرو بن معديكرب الذي يقول فيه:
وسيفٍ لابن ذي قَيفانَ عندي = تخيَّرهُ الفتى من عهدِ عادِ (2)
ولهذا البيت رواية ثانية تنسب "الصمصامة" إلى كنعان جد الكنعانيين:
وسيفٍ من لَدُنْ كنعانَ عندي = تُخيِّرَ نَصْلُهُ من عهدِ عادِ (3)
ويقال أن حديد "الصمصامة" من جبل "نقم" في اليمن (4)، ويروي آخرون أن حديدة وجدت عند الكعبة، مدفونة في الجاهلية، فصنع منها ذو الفقار، والصمصامة (5).
وهذه الروايات لا تخلو من المبالغة، وربما كانت من اختلاق عمرو ذاته، وربما سمعها، واقتنع بها فعلاً، أو أضافها الرواة المعجبون مع الأيام، ليضيفوا على أقاصيصهم مزيداً من التشويق والإدهاش، ومهما يكن من أمر فلهذه الأقاصيص أهداف معنوية هامة، فهي تمنح صاحبها ثقة بقدراته، وتملأ نفسه بعزة أمته، في السلم والحرب.
صفاته:
الصمصامة، والصمصام السيف الصارم الذي لا يثنيه شيء (6)، وصمم السيف، وصمصم: مرَّ في العظام وقطعها (7)، وصمصامة عمرو بن معديكرب الزبيدي يزن ستة أرطال، حسب ما ذكره بعض الرواة (8)، وله حد واحد (9).
ووصفه شاعر متأخر بقوله من أبيات:
أخضر المتنِ بين حدَّيه نورٌ = من فرندٍ تمتدُّ فيه العيونُ (10)
وفي رواية ثانية من الأبيات ذاتها:
سيف عمرو قد كان فيما سمعنا = خير ما أغْمِدت عليه الجفونُ
أوقدتْ فوقه الصواعقُ ناراً = ثم شابتْ به الزعافَ القيونُ (11)
وقد ذكره ابن عباس بقوله لبعض اليمنيين: "لكم من السماء نجمها، ومن الكعبة ركنها، ومن السيوف صمصامها" يعني سهيلاً، والركن اليماني، وصمصامة عمرو (12).
مقدرته على القطع:
تحدث الرواة كثيراً عن صرامة هذا السيف، وأول من تغنى بذلك عمرو بن معد يكرب، كما في قوله، أو المنسوب إليه:
وصمصاماً بكفِّي لا = يذوقُ الماءَ من يَرِدهُ (13)
وفي قصيدة ثانية يذكر عمرو أنه قد أعد للحرب درعاً طويلة، وجواداً غليظاً قوياً، وسيفاً قاطعاً يقدُّ الخوذ، والأجساد المكسوة بالدروع:
أعددت للحدثان سا = بغةً وعدَّاءً عَلَنْدَ
نهداً، وذا شطبٍ يقـ = ـدُّ البيضَ والأبدانَ قدّا (14)
وإذا كانت الأبيات السابقة تحتمل أن يكون المقصود فيها "الصمصامة" أو غيره من سيوف عمرو، فهناك أبيات واضحة الدلالة كهذه:
وسيف لابن ذي قَيفان عندي = تخيره الفتى من عهد عادِ
يقدُّ البيض والأبدان قدّاً = وفي الهام الململم ذو احتدادِ (15)
وفي هذا المعنى حول مقدرة "الصمصامة" على القطع ما أشار إليه عمرو من أبيات قالها عندما أهدى سيفه لخالد بن العاص عامل الرسول على اليمن:
خليلٌ لم أخُنْهُ ولم يخنِّي = إذا ما الخطبُ أنحى بالعظام
وودعتُ الصفيَّ صَفيَّ نفسي = على الصمصام أضعافُ السلام (16)
ومن القصص المشهورة ما روي من ان ملك الهند قد أرسل وفداً إلى هارون الرشيد يحمل معه هدايا ثمينة بينها عشرة سيوف من أجود سيوف الهند، وحين قُدِّمتْ إليه دعا بالصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب ليختبرها فقُطعت به السيوف سيفاً سيفاً كما يقطع الفجل، من غير أن تنثني له شفرة، أو يفلّ له حدّ (17).
¥