[الغيوم: أنواعها وأسماؤها في الشعر العربي]
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[30 - 08 - 2004, 12:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
د. عواد جاسم الجدي
-المجلَّة العربيَّة-
[ line]
عني العرب قديمًا وحديثًا بالغيوم وأنواعها وهطولها ولأنهم كذلك، فإننا نجدهم قد أطلقوا عليها مسميات مثل: (الديمة) وهي الغيمة السكوب و (السواري) وهي الغيوم التي تسري وتبكر بتهطالها عند الفجر، ولأن العرب أشد الشعوب تعلقًا بالغيوم حيث يتوقف عليها خصب نباتهم وازدهار مراعيهم وامتلاء ضروع مواشيهم وإبلهم، فإننا نجد تعلق الشعراء بها ووصفها في شعرهم.
فعن الديمة قال امرؤ القيس:
ديمة هطلاءُ فيها وطفٌ
طبقُ الأرضِ تحرى وتدرْ
تخرج الودّ إذا ما أشجدت
وتواريهُ إذا ما تعتكر
وترى الضبَ خفيفًا ماهرًا
ثانيًا بُرثنه ما ينعفر
وترى الشجراء في ريقعها
كرؤوس قطعت فيها خُمرْ
أما الشاعر أبوتمام فقال في الديمة:
ديمةٌ سمحة القياد سكوب
مستغيث بها الثرى المكروب
فهي ماءٌ يجري وماءٌ يليه
وعزالى تنشا وأخرى تذوبُ
وعن النشاص: (وهي السحاب المرتفع: جاء في لسان العرب، الغيم الذي يرتفع بعضه فوق بعض وليس بمنبسط، وقيل هو الذي ينشأن من قبل العين)، قال الشاعر بشر:
فلما رأونا بالنسار كأننا
نشاصُ الثريا هجتهُ جنوبها
وقال ابن بري يصف غيمًا نشاصًا:
أرقتُ لضوءِ برقٍ في نشاصٍ
تلألأ في مملاةٍ غصاصِ
لواقح دُلجٍ بالماءِ سُحم
تمج الغيثَ من خللِ الخصاصِ
وقول الشاعر الذي أنشده ثعلب يصف السحاب النشاص:
يلمعن إذا ولين بالعصاعص
لمحَ البُروقِ في ذُرى النشائص
ويقول العرب استنشصت الريح السحاب: بمعنى أطلعته وأنهضتهُ ورفعتهُ. ويصف ذو الرمة الغيم النشاص بأنه الغيم الماطر السكون وفي ذلك قوله:
ضمَّ الظلامُ على الوحشي شملتهُ
ورائحٍ من نشاص الدلومنسكب
ويصف شاعر أخر النشاص بالجبال المرتفعة شديدة الانحدار وعلى رأسها برج:
بمنتصر عر النشاص كأنه
جبال عليهن النسور وقوع
وعن الدجن: (وهي السحاب المشتد صوت رعده وفي لسان العرب: ظل الغيم في اليوم المطير. ابن سيده: الدجن إلباس الغيم الأرض وقيل: هو إلباسه أقطار السماء) قال أبوصخر الهذلي يصف الدجن:
ولذائذ معسولة في ريقةٍ
وصبًا لنا كدجانِ يومٍ ماطر
ويوم دجن إذا كان يوم ذا مطر، ويوم دغن إذا كان ذا غيم بلا مطر، ويقال للمطر الكثير الدجن، ومثله أدجنت السماء أي زاد مطرها قال لبيد:
من كلِّ ساريةٍ وغادٍ مدجنٍ
وعشيةٍ متجاوب أرزامها
ومنه كذلك أدجن المطر بمعنى دام فلم يقلع أيامًا، والداجنة: المطرة المطبقة كالديمة مثلاً، وفي الدجن الغمام أو الغيوم السوداء يقول أبو العلاء المعري الشاعر الأعمى:
نقمتُ الرضا حتى على ضاحك المزنِ
فما جادني إلا عبوس من الدجنِ
فليت فمي إن شاء سني تبسمًا
فم الطعنة النجلاء تدمي بلاسنِ
ويقول شاعر آخر في الدجن الذي يغطي الشمس: "أبوتمام":
من القوم الكرام وهم شموسٌ
ولكن لا توارى بالدجونِ
أما علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فيقول:
وأعرض نقع في السماء كأنهُ
عجاجةُ دجن ملبس بقتامِ
وعن المرجحنات:
(وهي من الأسماء الطريفة للسحاب ومرجحنات الغمام هي السحب الثقيلة المحملة بالمياه، ومثلها كذلك الدوالح والدوالح هي السحب الثقيلة التي تمر بتثاقل لأنها محملة بالماء وفي وصف هذا النوع من السحاب وما شابهه) يقول ذو الرمة:
سقى دارها متمطرٌ ذو عقارةٍ
ركامٌ تحرى منشأ العينِ رائحٌ
هزيمٌ كأنَّ البُلقَ مجنوبةً به
يُحامين أمهارًا فهن ضوارحُ
وإن فارقتهُ فُرَّقُ المزُنِ شايعت
به مرجحناتُ الغمامِ الدوالحُ
أما النابغة الذبياني فيقول في النوع نفسه من السحاب:
وكلُّ ملث مكفهر سحابهُ
كميش التوالي مرثعن الأسافل
إذا رجفت فيه رحى مرجحنةٌ
تبعقَ ثجاجٌ غزير الحوافلِ
وكما أشار ذو الرمة فيصف النابغة الملث وهو المطر الدائم الذي يستغرق أيامًا والمرثعن هو المطر المستمر والذي يجود بغزارة. وتبعق هنا انبعج بالمطر الغزير والحوافل هي الغيوم المحملة بالماء ومثلها الدوالح في شعر الرمة، والذي شبه الغيوم بالمهار الضوارح حيث يضربن بأرجلهن فيستبين بياض بطونهن وكذلك إذا برق استبان بياض الغيوم.
وعن العراص:
¥