تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(الفراهيدي) بذل للعربية عطاء تلو عطاء ......]

ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[02 - 12 - 2004, 02:06 ص]ـ

الخليل بن احمد الفراهيدي

عالم اللغة وصاحب كتاب العين

_

(محمد عبدالخالق-عُمان)

الحديث عن العالم الجليل، الخليل بن احمد الفراهيدى يثير فى النفس مشاعر العبقرية الفريدة من نوعها فقد كان الخليل يقف عند ظواهر الاشياء وقفة المتعمق ويغوص فى مكامنها غوص الواعى الحريص على استنباط كنهها واستخلاص النتائج مما غمض على عامة الدارسين من اسرارها فيبرزها فى صورة جلية واضحة سرعان ما تغدو قواعد يحتذيها كل سائر على درب الفكر والعقل. كانت عقلية الخليل بن احمد من ذات النوع الدؤوب الذي تشغله القضايا حتى تملك عليه كيانه فيظل يصارعها وتصارعه حتى يجليها الجلاء الحسن ويطرحها للناس الطرح المفيد فيفيدون منها ويحتلبون مزايدها ويطورون فيها ان استطاعوا الى ذلك سبيلا ولقد شغل الخليل نفسه بعلوم اللغة العربية وتراكبيها واوزانها واستنبط لنفسه وسائله و ادواته الخاصة شأن كل صانع ماهر وعالم حصيف يعكف على تطوير ادوات العمل التي بين يديه حتى تستجيب لتطلعاته العلمية المتشوقة الى الاستنباط والوصول الى النتائج الافضل للبحث الطويل المتعمق. ولعل الدارسين يعرفون من اعمال الخليل عملين اشتهر بهما أيما شهرة وذاع ميته فى الأفاق تأسيسا على قدرته الابداعية الفذة التي بدت معالمها فى العملين كليهما اكثر من اعماله الاخرى التي لاتقل اهمية ولكن طالت يد الحدثان منها الكثير. وكم كان يتبرم الخليل ويضيق صدرا بعجز الناس عن فهم ما يريد وعن ادراك ما يضع من اصول وقواعد، ولما كان يبلغ به اليأس مبلغه كان يلجأ الى صرف الناس عما يشغله من هموم العلم وابحاثه نظرا لما لمسه فى هؤلاء الناس المحيطين من قصور لا رجاء فيه وتقاعس لايشفى غلته الظامئة الى مواصلة البحث والتطلع الى بناء اركان علوم ثابتة الد عائم تعزز وجود اللغة العربية وتبقيها صحيحة وسالمة وطيعة الحرف لمن اراد قرض الشعر المنظوم او نطق الكلام المنثور نطقا صحيحا مستقيما يؤدى المعنى المراد فى سلاسة ويسر. حدث ذات مرة ان شعر الناس من حول الخليل بصعوبة ما يضع من قواعد واوزان فقصده رجل ينوى الاقامة معه فى داره يتعلم عنه علم العروض لعله باقامته وملازمته للخليل ينجح فى فهم ذلك العلم الذي ابتكره الخليل لضبط اوزان الشعر العربي. ولما اقام الرجل ردحا من الزمن ملازما استاذه دون ان يبلغ مراده، شعر الخليل بعجز الرجل عن ادراك مكامن ذلك العلم الوليد فأراد الخليل بأدب العالم ان يصرف تلميذه صرفا حميدا عن دراسة ما تورط فى دراسته دون رغبة صادقة فى الوقوف على اسراره، فأعجزه عدم الرغبة عن تحصيل ما رافق استاذه من اجله، فأتى له الخليل ببيت من الشعر على انه مثال على احدى قواعد العروض لكن البيت كان فى الحقيقة يتضمن نصيحة الى التلميذ غير المتحمس ان ينصرف عن دراسة علم العروض الى شي آخر اكثر نفعا له او يكون الرجل اكثر قدرة على الاستيعاب. ففال له الخليل: قطع هذا البيت تقطيعا عروضيا اذا لم تستطع شينا خدعه

وجاوزه الى ما تستطيع

ولعلنا نحاول ان نستوضح فى عجالة ملامح العملين اللذين اشتهر بهما الخليل وهما «علم العروض» الذي عنى بضبط اوزان الشعر العربي، و" كتاب العين " الذي وضعا الخليل قاموسا لغويا صوتيا يستند الى مخارج الاصوات فى وضعه وهى خاصية ميزت "قاموس العين " عن غيره من مختلف القواميس والمعاجم. اولا علم العروض الشعر فن جميل يمتلك قدرات خاصة فى تحريك الوجدان واستمالة القلوب الى الغرض الشعري الذي يخوض فيه، ومرد ذلك الى خاصية الموسيقى اللفظية التي تتولد عن تواتر النغمات وتتابع المقاطع فى جرس موسيقى شيق تتفتح له نفس المتلقى وتقلقاه المسامع فى انسيابية تميزه عن النثر الذي لايتمتن بتلك الخاصية الموسيقية التي ينفرد بها الشعر. ولقد كان الشعراء فيما قبل عصر الخليل يمتلكون ناصية اللغة امتلاكا فطريا اعانهم على التعبير عن دخائل انفسهم فى قالب شعري رصين، وفى سليقة مطبوعة على النظم الصحيح من حيث ضبط الاوزان ونظم القصائد. إلا ان مرور الايام وتغاير الازمان، وتفاوت النبوغ الفنى لدى الشعراء المتأخرين اقعد عديدا من الشعراء عن الالتزام بضوابط القرض الشعرى مما ادى الى الاخلال بأوزان الشعر نتيجة ضعف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير