تنهار أوطان .. ويسقط كبرياءْ
لم يتركوا السمسار يعبث في الخفاءْ
حملوه بين الناس
في البارات .. في الطرقات .. في الشاشاتِ
في الأوكار .. في دورِ العبادة
في قبور الأولياءْ
يتسللون على دروب العارِ
ينكفئونِ في صخبِ المزاد
ويرفعون الرايةَ البيضاءْ ..
ماذا سيبقى من نواقيس النفاقِ
سوى المهانة والرياءْ ..
ماذا سيبقى من سيوف القهرِ
والزمن المدنس بالخطايا
غير ألوان البلاء
ماذا سيبقى من شعوبٍ
لم تعد أبداً تفرق
بين بيت للصلاة .. وبين وكرٍ للبغاء
النجمة السوداءَ
ألقت نارها فوق النخيل
فغابَ ضوءُ الشمس .. جفَ العشبُ
واختنقت عيون الماءْ ..
،،،
ماذا تبقّى من بلاد الأنبياء؟
ماتتْ من الصمت الطويل خيولنا الخرساءْ
وعلى بقايا مجدهَا المصلوب ترتعُ نجمة سوداءْ
فالعجزُ يحصد بالردى أشجارنا الخضراءْ
لا شيء يبدو الآن بين ربوعنا
غير الشتات .. وفرقة الأبناء
والدهرُ يرسمَ
صورة العجز المهينِ لأمةٍ
خرجتْ من التاريخ
واندفعتْ تهرولُ كالقطيعِ إلى حمى الأعداءْ ..
في عينها اختلطتْ
دماء الناس والأيام والأشياءْ
سكنت كهوف الضعف
واسترخت على الأوهامِ
ما عادت ترى الموتى من الأحياءْ
كهانُها يترنحونَ على دروبِ العجزِ
ينتفضون بين اليأسِ والإعياءْ ..
،،،
ماذا تبقى من بلاد الأنبياءْ؟
من أي تاريخٍ سنبدَأُ
بعد أن ضاقت بنا الأيامُ
وانطفأ الرجاءْ
يا ليلةَ الإسراء عودي بالضياءْ
يتسلل الضوءُ العنيد من البقيع
إلى روابي القدس
تنطلق المآذنُ بالنداءْ
ويطل وجهُ محمدٍ
يسري به الرحمنُ نوراً في السماءْ ..
الله أكبرُ من زمانِ العجز ..
من وهنِ القلوبِ .. وسكرة الضعفاءْ
الله أكبر من سيوف خانها
غدرُ الرفاقِ .. وخسةُ الأبناءْ
جلبابُ مريم
لم يزل فوق الخليل يضيءُ في الظلماءْ
في المهد يسري صوتُ عيسى
في ربوع القدسِ نهراً من نقاءْ
يا ليلة الإسراء عودي بالضياءْ
هزّي بجدع النخلة العذراءْ
يَسَّاقط الأملُ الوليدُ
على ربوع القدسِ
تنتفض المآذنُ يبعثُ الشهداءْ
تتدفق الأنهار .. تشتعل الحرائقُ
تستغيثُ الأرضُ
تهدُرثورةُ الشرفاءْ ..
يا ليلة الإسراء عودي بالضياءْ
هُزي بجذع النخلة العذراءْ
رغم اختناقِ الضوء في عيني
ورغم الموت .. والأشلاء. ِ
مازلت أحلمُ أن أرى قبلَ الرحيلِ
رمادَ طاغية تناثر في الفضاءْ
مازلت أحلم أن أرى فوقَ المشانق
وجه جلاد قبيح الوجه تصفعُه السماءْ
مازلت أحلمُ أن أرى الأطفالَ
يقتسمونَ قرص الشمس
يختبئون كالأزهار في دفء الشتاءْ
مازلت أحلمُ ..
أن أرى وطناً يعانقُ صرختي
ويثورِ في شممٍ .. ويرفض في إباء
مازلت أ حلم
أن أرى في القدس يوماً
صوت قداس يُعانق ليلةَ الإسراء
ويطل وجهُ الله بين ربوعنا
وتعود .. أرض الأنبياءْ ..