تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ا لملكات الشعرية وهو الامر الذي ازعج الخليل بصفته محا لما من علماء العربية المرهفي الحس، فكان ان تفاعلت حساسيته الشديدة مع غيرته على اللغة العربية وتوقد عبقريته الاصلاحية التواقة الى الخلق والابداع ونهض ليضع امر الوزن الشعري فى نصابه ويوفر له اسانيد الاستقامة والانضباط النغمى فشرع فى تأسيس علم جديد على اللغة العربية بل ربما جديد على كل العلوم قاطبة فى مجاله وهو علم "العروض " الذي يضع القواعد الحاكمة لميزان الشعر وموسيقاه ويقوم ما اعوج من اوزان ونغمات، وقد اعتمد فى وضع هذا العلم على مصطلحات لغوية كان العرب يستخدمونها فى حياتهم اليومية كما استمد من اسماء بعض الادوات المألوفة وبخاصة تلك الادوات التي كانت تشد بها الخيمة كالأوتاد والحبال والاسباب وغيرها ليكون قريبا من اذهان المتلقين فيتقبلون العلم الجديد بقبول حسن ويفيدون منه خير افادة وحتى يقبل عليا اولئك الذين نسجوا اشعارهم على اوزان وقوالب لم يعرفها العرب، وبذلك يحتفظ الشعر العربي بخصوصياته الفريدة. وتذكر كتب تاريخ الادب فى مناسبة اقدام الخليل على وضع علم العروض انه لما ازعجه خروج الشعراء عن المألوف من الاوزان طاف بالكعبة ودعا الله ان يلهمه كلما لم يسبقه اليه احد من السابقين، ثم اعتزل الناس واغلق عليه بابه، واخذ يقضى الساعات الطوال يجمع اشعار العرب ويرنها على انغامها ويجانس بينها حتى حصر كل الاوزان الشعرية المألوفة وضبطها وحداد قوافيها فيما عرف بـ "عروض الشعر". وبعد رحيل الخليل صار علم العروض مادة يتدارسها طلاب العربية حتى يومنا هذا دون اضافات تذكر اللهم إلا بعض الشروح والتفاسير والاوزان التي ظن اللاحقون ان الخليل قد اغفلها بالرغم من انها لم ترتق الى مصاف البحور الاصلية التي وضعها الخليل رغم احتفاظها بميزة الاجتهاد والابتكار. وما يزال علماء اللغة والادب فى جلهم ينكرون الخروج على اوزان الخليل ويعتبرون الشعر الذي يتحرر من الوزن والقافية خارجا عن اطار الشعر ويلحقونه بالنثر نظرا لخلوه من اهم ما يميز الشعر عن النثر وهو ا لموسيقى النابهة عن الاوزان التي عرفت بـ "بحور الشعر" تلك التي وضعها الخليل بن احمد الفراهيدى. وقد دعا احد الباحثين المعاصرين فى "موسيقى الشعر" الى مزيد من المحاولات لاكتشاف اخيله شعرية واستعارات وتشبيهات ومجازات، وان يؤلفوا من ذلك علما وفنا لجمهور المتلقين مع الوضع فى الاعتبار القيمة الاسمي لموسيقى الشعر، واكد الباحث على ان الشعر يفقد قيمته اذا خلا من موسيقاه التي تنفعل لها النفرس وتتأثر بها القلوب "موسيقى الشعر - د. "إبراهيم انيس" ومما يجدر ذكره ان بعض علماء اللغة لجأ الى استخدام عروض الشعر كوسيلة لتسهيل حفظ قواعد اللغة العربية والدين والقراءات فعمدوا ال نظم تلك القواعد على اوزان خليلية وبذلك افادت علوما أخرى غير الشعر من علم العروض الذي وضعه الخليل فى الاصل ليكون اداة للحفاظ على موسيقى الشعر العربي وصيانة اوزانه. ومن أشهر ما ورد من نظم فى ذلك المجال الفية ابن مالك الشهيرة فى قواعد اللغة العربية التي تبدأ بقوله: كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل نم حرف الكلم

وعلى نفس المنوال نسج واضعو احكام القراءات القرآنية ليسهلوا على الطلاب حفظ تلك الاحكام اذ ان الوزن الموسيقى للقواعد يعين على استظهارها كما هو معروف وبخاصة منها ما كان صعب الاستظهار لتداخل القوانين وتشابك الاحكام، وقد تناقل الناس قصة طريفة عن طلاب الازهر الذين لجأرا الى نظم كل دروسهم نظما عروضيا حتى مادة اللغة الانجليزية وضعوها فى قالب شعري كي يسهل عليهم حفظها ولم يكونوا يقبلون عليها لحداثة اقرارها كمادة من مواد الدراسة فى الازهر واخذ بعضهم يردد: القط "كات" والفأر "رات" والنهر بدعى عندهم "ريفر" وينهض علم العروض على بحور الشعر التي وضعها الخليل وعددها خمسة عشر بحرا يتكون كل بحر منها من "تفعيلات " هي بدورها اشتقاقات من الوزن الصرفى المعروف فى النحو والمكون من الغاء والعين واللام "فعل ". والتفعيلة فى العروض هي مقطع صوتي يشبه المقطع الموسيقى فى عدم ارتباط نهايته بنهاية الكلمة، فاذا انتهى المقطع الموسيقى قبل ان تنتهي الكلمة فصلت حروف الكلمة عند انتهاء المقطع الموسيقى واذا تطابقت نهاية المقطع الموسيقى مع نهاية الكلمة فلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير