أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا = إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ
فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي = يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني
أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى =وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ
وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ = يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ
وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً = تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ
وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا = سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ
وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً = في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ
لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما = صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ
نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً = وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ
أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى = بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ
أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً = في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ
إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ = قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ
فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا = قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ
وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى = تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ
وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها = أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ
فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني = لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ
مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها = وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ
أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً = لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ
فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ = بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني
كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً = يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني
وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ = سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ
هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي = بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ
لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ = بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي = مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ = قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ
ـ[ابن هشام]ــــــــ[30 - 01 - 2005, 10:19 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي العزيز على هذه القصيدة الصادقة. وقد كان لها في حينها وإلى اليوم تأثيرها العميق في نفس كل مسلم يحمل هم أمته الإسلامية في كل مكان. ورحم الله هاشم الرفاعي فقد كان صادق العاطفة، دقيق الشعور.
للفائدة:
الشاعر هاشم الرفاعي قال هذه القصيدة على لسان ذلك المقتول ظلماً، والسجين بغير ذنب إلا ذنب التمسك بالإسلام والدعوة إليه، والجهاد في سبيل الله. وأما الشاعر نفسه فقد قتل فعلاً، ولكن بسبب خلاف حاد بينه وبين الشيوعيين في مدينته بسبب الخلاف على إدارة نادي أنشاص عام 1959 م، وذلك أنهم ضاقوا ذرعاً بالشاعر وشهرة شعره وهم يريدون الاستيلاء على إدارة النادي، وهو وزملاؤه من أهل الخير والصلاح يريدون غير ذلك، فجروا الشاعر إلى خلاف مصطنع في فناء النادي تطور إلى الاشتباك بالأيدي ثم طعنه أحدهم عدة طعنات قاتلات مات على إثرها رحمه الله، وهكذا كانت نهاية شاعر مبدع كان يرجى له مستقبل زاهر لو عاش رحمه الله. وقد كتب في ترجمته الكثير وديوانه مطبوع طبعتين.
ـ[المستبدة]ــــــــ[01 - 02 - 2005, 06:05 ص]ـ
قرأتها أكثر من مرة ...
وفي أكثر من مكان.
وكنتُ في كل مروري بين حروفها ..
أشعر بشيء يخنق حروفي ..
أشعر بالسواد يلفّ هذا العالم!
كثعبانٍ .. حتماً سيلقى حتفه ...
شكراً للأستاذين على عظيم فائدة ...