تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التقويم: ليسَ يملكُ القارئُ المتحلي بالصبرِ والأناةِ أمامَ دراسةٍ مُفْرَطَةِ الطولِ تربو على ألفٍ ومائتي صفحةٍ منَ القطعِ غيرِ الصغيرِ إلا أن يعجبَ لهذا الجهدِ الضخمِ المبذولِ في ثناياها سواء على مستوى حصرِ الأفعالِ وتقسيمِ المادةِ العلميةِ، أو على مستوى إنشاءِ الجداولِ الشارحة، وتحليل الأنماط التركيبية لتلكم الأفعال وحروف الجر المضفورة معها في سياقٍ قرآني آسرٍ وجميل - وهو جهدٌ ليس بالهينِ يعينُ القارئَ عليهِ لغةٌ عصريةٌ وطيعةٌ للمؤلفِ وحبٌ وإجلالٌ مركزان في النفوس السَّويِّة تجاهَ لغةِ القرآنِ الكريمِ الساحرة - غيرَ أننا نقلبُّ صفحاتِ الدراسةِ ظهرًا على بطنٍ فتطالعنا آراءٌ لشخصياتٍ تراثيةٍ معروفةٍ " كالزمخشري والطبري والألوسي والفراء وعبد الله بن منظور " ثم لا نكادُ نعثرُ على شخصيةِ المؤلفِ فيما يناقشهُ من آراءٍ بحيثُ يمكنُ القولُ بأنهُ كان عالةً على هؤلاءِ - رغمَ أنه ينقلُ ويحيلُ ولكنْ دونَ مجاوزةٍ أو مغايرةٍ لما يقولون - اللهمَّ إلا في طريقةِ العرضِ والحصرِ والإحصاءِ، وتقسيمِ مادةِ الكتابِ وهو جهدٌ سبقَ وأشرنا إليهِ في مُبتدأِ هذا الكلام.

الملاحظات: 1. استبعدتِ الدراسةُ الأفعالَ المركبةَ معَ حروفِ الجرِ الزائدةِ، وكافِ التشبيهِ كما استبعدتِ الأفعالَ الناقصةَ والجامدةَ وأسماءَ الأفعالِ أيضاً.

2. زعم المؤلفُ أن الفعل "أتى" المركبَ مع حرف الجر"مِنْ" لم يأتِ إلا متعديا في آيات القرآن الكريم ثم هو يورد بعد ذلك قوله - تعالى-:"وعلى كلِّ ضامرٍ يأتينَ منْ كلِّ فجٍ عميق" [الحج/27] انظر ص 90جـ 1من الكتاب.

3. لا يُعْنَى المؤلفُ حقيقةً بتخريج الأحاديث إذ ينقلها عن كتب التفاسير دون نظرٍ في إسنادها أو تعويلٍ على تخريج العلماء المُحَدِّثين لها. انظر مثلا ما ورد في صفحة 514 من المجلد الثاني.

4. في صفحة 5 من المجلد الأول يقول المؤلف ما نصه: " وقد استبعدتُ (كافَ التشبيه) من الأنماط التركيبية للفعل مع حرف الجر لضعف الارتباط المعنوي بينها وبين الفعل فمثلا قوله تعالى: "يحبونهم كحب الله" واضح أنَّ متعلق الكاف مفعول مطلق ....... تفسيره: يحبونهم حبا". وهذا وهم تغشَّى عينَ المؤلفِ، ولا يقومُ استدلاله القائلُ بضعف الارتباط المعنوي على ساقٍ بل إن الارتباطَ واضحٌ ولو صحَّ كلامه لكان قوله تعالى:"يحبونهم كحب الله" مساويا لقولنا: يحبونهم حب الله بل إنَّ دلالة (كافِ التشبيه) أكدتْ على أن ظاهرَ الكافرين قد ينطلي ويتشابه مع ظاهر المؤمنين أو يقاربه إلى حد إمكان وقوع حرفية المشابهة السطحية والمجردة عند من لا بصيرةَ له: فالكافرُ يحاربُ أهلَ الإيمان لينصرَ أوثانه التي يعبدُ، والمؤمنُ يجاهدُ الكافرينَ ويغلظُ عليهم لينصرَ دينَ اللهِ عزَّ وجلَّ كما أمره مولاه وتلكما محاربةٌ ومجاهدةٌ ولكنْ شتانَ ما بينهما رغمَ ما فيهِما من التشابهِ بين شوكةِ السلاحِ واستعدادِ كلِّ فريقٍ بالمكيدةِ والخداعِ ووقوعِ الأسرِ والقتلِ والجراحِ، مما قد يوهمُ بالمساواةِ بين دافعِ أهلِ الإيمانِ، ودافع أهل الكفرِ وهو نُصْرةُ المعبودِ وحبُّهم له فتدفعُ (كافُ التشبيهِ) المركبةُ مع الفعل في سياقها هذا الوهمَ، وتنفي بوقارها الفاصلِ بين المشبهِ والمشبهِ به أدنى شُبهةٍ للمساواةِ بين الدافعينِ ومنْ ثمََّ يُوضِّحُ اللهُ حقائقَ الأمورِ فيقولُ بعد قوله - تعالى-:"يُِحبُّونهم كحبِّ الله" "والذين آمنوا َأشدُّ حباً لله".

5. في صفحة 92 ينقل المؤلف هذا الكلامَ عن "الكشاف" للزمخشري ويتابعه فيه سميعاً مطيعاً دونَ أيِّ مراجعةٍ، يقول المؤلف:"وقد ألمحَ الزمخشريُ إلى علةِ تركيب الفعلِ (أتى) مع حرف الاستعلاء (على) في كلامه على قوله تعالى-:"حتى إذا أتوا على واد النمل" [النمل/18] فقال- أي الزمخشري -:"فإن قلتَ لم عُدِّي (أتوا) بـ (على)؟ قلتُ يتوجهُ على معنيين: أحدهما:أن إتيانهم كان من فوق فأُتي بحرف الاستعلاء، الثاني: أنْ يُرادَ قطعُ الوادي وبلوغُ آخرِه من قولهم: أتى على الشيء إذا أنفذه وبلغ آخره" وكلامُ الزمخشري والمؤلفِ معاً لا يعدو كونُه تبريراً لهذه الظاهرةِ التركيبيةِ أكثر من كونه تحليلاً وتفسيراً لها؛ والواقعُ أن الفعلَ (أتوا) المركبَ مع حرف الاستعلاء (على) يأتيانِ في هذا الموضعِ بمعنى: (أشرفوا على) وادي النمل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير