ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 May 2009, 08:25 م]ـ
2. عبارة: "فتولى عنهم وقال .. " لم ترد إلا في قصة صالح وشعيب عليهما السلام. أي أنها لم ترد في قصة نوح وهود ولوط عليهم السلام. واستخدام الفاء في (فتولى) يدل على أن الخطاب كان بعد الإهلاك. وهذا يشبه موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقف بعد معركة بدر وخاطب القتلى من المشركين الذين ألقوا في القليب.
3. اللافت أنّ هناك شيء مشترك في هلاك ثمود ومدين وهو الرجفة والصيحة، بل إنّ العبارات القرآنية في ذلك متماثلة. انظر مثلاً:" أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين"، وفي سورة أخرى الصيحة. وطالما أنّ الأجساد موجودة ومنتشرة في العرصات فناسب أن يودع عليه السلام المنطقة بمثل هذا الخطاب.
4. أما قوم نوح فهناك سفينة تُغادر في لُجج وأناس يغرقون فلا أثر للقوم. أما قوم لوط فيبدو أنّ إهلاكهم قد تم بطريقة مختلفة وتمّ قلب المنطقة رأساً على عَقِب بعد أن أُمر لوط عليه السلام أن يغادر ويسير بعيداً ولا يلتفت. أما عاد فقد طال زمن عقابهم:" سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً". وهذا يعني مغادرة هود عليه السلام قبل ذلك.
إذا كان هود عليه السلام قد غادر قبل نزول العذاب ـ وأظنه كذلك وأيضا صالح قد غادر قبل نزول العذاب ـ فكيف يصح أن يكون قوله "فتولى عنهم " بعد نزول العذاب؟
الذي أفهمه والله أعلم أن الله أمر صالحا ومن معه من المؤمنين وشعيبا ومن معه من المؤمنين بالخروج كما كان الحال مع نوح ومع لوط ثم أنزل العذاب بأقوامهم، وأن الآيات فيها تقديم وتأخير لتكتمل الصورة ولينتهي المشهد بنجاة أولياء الله.
وأنا لا أنفى القول الآخر بالكلية فالله قادر أن يهلك أعداءه وأولياءه ينظرون، كما أغرق فرعون ومن معه وموسى عليه السلام وبنو اسرائيل ينظرون.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[18 May 2009, 10:28 م]ـ
الأخ الكريم محب القرآن ... السلام عليكم،
1. أخي الكريم: النصوص واضحة في أن التولي والقول كانا بعد الهلاك. وأرجو أن تنظر النص مرة أخرى:" فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ، فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ". ولا مجال هنا للقول بالتقديم والتأخير لوجود الفاء التي تعني الترتيب والتعقيب.
2. ليس بالضرورة أن يكون صالح وشعيب عليهما السلام في الموقع عند حصول الرجفة والصيحة. ولكن يبدو بشكل واضح من النص أنهما غادرا الموقع والناس هلكى. فما الذي يمنع أن يحضرا إلى الموقع لمشاهدة العذاب الذي انقضى؟! ولا شك أن الرجفة والصيحة لا تترك آثاراً ضاراً بعد الانقضاء.
3. هذا على خلاف ما تم في عذاب قوم لوط؛ فقد صرحت الآيات الكريمة بمغادرة لوط عليه السلام فذهب حيث أمر:"وامضوا حيث تؤمرون". ثم نجد الآيات الكريمة تُصرّح بضرورة عدم الإلتفات:" ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون"، وتصرح ببقاء آثار العذاب في المنطقة:" عذاب مستقر". ثم إنّ المطقة تمّ قلبها، ومثل هذا القلب يوحي بدفن أمور تشكل خطورة على من يتواجد في المنطقة. ولشيخي مقال يفصل فيه هذه المسألة تحت عنوان: (فهل من مدكر) في كتاب: نظرات في كتاب الله الحكيم.
4. أما قوم نوح فقد جرت السفينة بعيداً عن الموقع، وعندما غاض الماء استوت على الجودي. وغالباً ما تكون الجثث قد حملت بعيدا عن الموقع أو انتشرت وتناثرت في مساحة أوسع.
5. أما هود عليه السلام فليس هناك من نص يوضح لنا كيفية مغادرته ونجاته. ولكن الآيات لم تبلغنا أنه وقف على الأطلال يخاطب قومه وهم صرعى. ومن هنا لا نستطيع أن نثبت أو ننفي. ولكن نستأنس أنه لم يفعل، لأن الآيات الكريمة سكتت عن ذلك في الوقت الذي صرحت بالنسبة لمدين وثمود.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 May 2009, 11:12 م]ـ
الأخ الفاضل أبو عمرو
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم الأمر يسير ولله الحمد، وكلا القولين قال باحتمالهما أهل التفسير ومنهم الشوكاني والطاهر بن عاشور.
ثم إنه لا يلزم أن يقول نوح وهود ولوط عليهم السلام لأقوامهم ما قاله صالح وشعيب عليهما السلام لأقوامهم.
وفائدة هذه المناقشات تجدد العهد بمعاني الآيات وأقوال أهل العلم.
وفق الله الجميع لما فيه الخير.