تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كقولنا حقيقة الإيمان قول وعمل واعتقاد فنحن نقرر الحقيقة وندخل فيها الاعتقاد وإن كنا لا نطلع عليه وليس لنا ان نشق عن الصدور ونقف على الاعتقاد بل نتعامل فقط عند الحكم على الناس مع العمل الظاهر والقول الظاهر كأسباب ظاهرة ولكن عند تقرير الحقيقة فإننا نقررها كما هي في الظاهر والباطن ...

والتلازم بين الظاهر والباطن من هذا القبيل .. فنحن نقرر التلازم لتقرير حقيقة الإيمان والربط بين أجزائها لا للتحقق من موافقة الظاهر للباطن وتعليق الأحكام عليها لموافقة الحقيقة بل الأحكام تكون على الظاهر على كل حال بإجماع المسلمين ...

والذي يقرر أن بعض أعمال القلوب لا تستلزم أعمال الجوارح الظاهرة التي تحققها أو تنافيها هو كمن يقول أن كل أعمال القلوب لا تستلزم أيا من أعمال الجوارح تماما!

أو كمن يقول عدم التلازم أصلا!!!

ومعلوم أن هذه القاعدة هي من أهم قواعد أهل السنة في الرد على المرجئة الذي يخرجون العمل الظاهر من الإيمان ...

والشيخ هنا في هذا المبحث يجعل المحبة التي هي أعظم أعمال القلوب - كما قرر هو- في كتابه والتي هي أصل جميع أعمال القلوب واصل الولاء والبراء لا تستلزم أعمالا ظاهرة تحققها أو تنافيها! فإن كان هذا العمل الجليل القدر العظيم الشأن الذي يقوم عليه مدار الدين كله لا يستلزم أعمالا في الظاهر تحققه فما الذي يستلزم من بقية الأعمال؟

وماذا بقي من التلازم إذا كانت أصل جميع الأعمال لا تلازم بينه وبين الظاهر؟!

فهذا خرق لهذه القاعدة على الحقيقة مهما قيل أننا نقررها ونحتج بها ...

ثانيا:

ذكر الشيخ وفقه الله في كتابه الضوابط تقريرا لهذه المسالة واحتج لها ببعض الأقوال عن شيخ الإسلام رحمه الله فأنقلها وما يليها حيث قال:

(فلو بطلت مسألة المحبة بطلت جميع مقامات الإيمان و الإحسان ولتعطلت منازل السير إلى الله. فإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل. فإذا خلا منها فهو ميت لا روح فيه. ونسبتها إلى الأعمال كنسبة الإخلاص إليها بل هي حقيقة الإخلاص. بل هي نفس الإسلام. فإنه الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله. فمن لا محبة له لا إسلام له البتة. بل هي حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله، فإن الإله هو الذي يألهه العباد حباً وذلاً وخوفاً ورجاءً وتعظيماً وطاعة له مألوه، وهو الذي تألهه القلوب أي تحبه وتذل له. و أصل التأله التعبد. والتعبد آخر مراتب الحب، يقال عبده الحب وتيمه إذا ملكه وذلله لمحبوبه. فالمحبة حقيقة العبودية)

ومن عجيب الأمر أن الشيخ وفقه الله قد جعل المحبة القلبية أصل أعمال القلوب جميعها بل أصل الدين كله! .. ليس فقط أصل الولاء .. كما في هذا المبحث وقرر وفقه الله أن هذه المحبة لها لوازم ظاهرة وباطنة بدونها تكون هذه المحبة غير معتبرة، ولا أدري لماذا رجع في هذا المبحث القهقري وأبطل ما كان قرره في كتابه؟!

يقول الشيخ وفقه الله في كتابه الضوابط:

(إذا كانت حقيقة العلاقة بين العبد وربه هي المحبة لله والافتقار إليه فإن لها لوازم وعلائم لا تصح إلا معها. إذ ليست مجرد دعوى يدعيها العبد بلا بينة ولا تحقيق. بل لابد لتحقيق هذا الأصل من تحقيق لوازمه ومقتضياته الظاهرة والباطنة.

فأما للوازم الباطنة فأعمال القلوب من الرجاء والخوف والإنابة والإخلاص وغيرها، لأنه إذا تحققت المحبة وصحت تبعها عمل القلب ويندرج في هذا جميع أعمال القلوب، فهي كلها تابعة للمحبة نابعة عنها. لأن المحبة هي مدار الدين كله ظاهره وباطنه.

و إذا لم تتحقق أعمال القلوب لم تكن المحبة حقيقية ولا صادقة، ..................

وأما اللوازم الظاهرة فتتلخص في إتباع أوامر الله واجتناب نواهيه والدعوة إلى دين الله.

وأصل ذلك أن من أحب الله حقيقة لا بد أن تكون إرادته تابعة لإرادة الله ومحبته، فما أحبه الله وأمر به أحبه العبد والتزم به. وما كرهه الله ونهى عنه كرهه العبد وانتهى عنه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير