وتحقيق ذلك بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والالتزام بالشريعة، وقد قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}. فمن أحب الله حقيقة فلا بد أن يتبع رسوله، فعلم أن من لم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يلتزم بشريعته فليس محباً لله. فلا تكون المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم إلا بتحقيق المحبة، كما لا تصح المحبة إلا بتحقيق الإتباع للرسول صلى الله عليه وسلم فهما أمران متلازمان لا يصح أحدهما إلا بالآخر.
وعلى قدر قوة المحبة وضعفها يكون الإتباع كذلك، وفي هذا المقام يتفاوت الناس تفاوتاً عظيماً. وهذه هي حقيقة زيادة الإيمان ونقصانه، حتى إذا انتفى الإتباع بالكلية انتفت المحبة بالكلية ............................. فكما لا يصرف المؤمن عن ربه محبوبات الدنيا وشهواتها، فكذلك لا يصرفه خوف لو كان التحريق بالنار عن محبته و الإيمان به.
وهكذا تبين من كل ما تقدم من البحث عن حقيقة الإلوهية – أو العبودية – أنها محبة لله تستلزم طاعته والالتزام بشرعه. أو قل هي كمال
الطاعة لكمال المحبة. فالمحبة هي الأصل في العلاقة بين العبد والرب والطاعة ناشئة عنها ولازمة لها.)
وهذا النقل يوضح أن ثمة تناقض أو قل اختلاف في أقوال الشيخ سواء في نفس الكتاب أو بين الكتاب وبين هذا المبحث فتأمل قول الشيخ: " فلا تكون المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم إلا بتحقيق المحبة، كما لا تصح المحبة إلا بتحقيق الإتباع للرسول صلى الله عليه وسلم فهما أمران متلازمان لا يصح أحدهما إلا بالآخر."
كيف لمن يقرر هذا التقرير البديع أن يتوصل في مبحث كهذا أن من يقود الجيوش ضد هذا الرسول ليقاتله أو يقاتل أتباعه فيبذل نفسه أو ماله في سبيل إظهار الكفار عليه أو على المؤمنين من الممكن أن يكون لديه المحبة وأصل الولاء له؟!
- وهذا الاختلاف يظهر بالمقارنة بين شقي كتاب الضوابط، ..
الشق الأول: وهو الجزء البديع من الكتاب - إلا هنات قليلة – وهو الباب الأول والثاني وفيه تقرير لحقيقة الإيمان الكفر والرد على المرجئة والخوارج في بابين من أبدع ما يكون وفيه تقرير لقاعدة التلازم على وفق منهج أهل السنة والجماعة وحق لهما أن يكونا مرجعا علميا للباحثين عن الحق في هذه المسائل خاصة وان تقريرهما من قرابة عقدين من الزمان يوم أن كان هذا الكلام عزيزا جدا ..
الشق الثاني: وهو يبدأ من باب ضوابط تكفير المعين وشروط التكفير وموانعه والمدقق فيه يشك أن شخصا آخر هو الذي كتب هذا المبحث ليس هو من قرر هذا التقرير البديع في أول الكتاب!
وأنا إن كنت لا أحب أن أجعل التعليق هنا تعلقا على الكتاب ولكن أجدني مضطرا لشيء من ذلك وسأحاول أن يكون بقدر الإمكان متعلقا بما في هذا المبحث ..
فالشيخ وفقه الله قرر تقريرا بديعا لمسالة التلازم في أول كتابه واحتج به على المرجئة وقرره بما يتوافق مع كلام أهل السنة والجماعة تلازما مطلقا في إطار تقرير مسالة الإيمان وجنس العمل، ثم جاء في الباب الثالث (ضوابط التكفير) وأقحم هذه القاعدة وقيدها بشروط وموانع لا دليل عليها بما يرجع على هذه القاعدة بالنقض!!!
... والأهم من ذلك هو أن مسالة التلازم بين الظاهر والباطن لا دخل لها في الحكم على المعين بالكفر والإسلام،فهذا باب آخر لا علاقة له بهذه القاعدة إطلاقا كما سبقت الإشارة إلى ذلك ...
فمحل القاعدة كما سبق هو بيان حقيقة الإيمان والكفر من جهة التنظير والرد على أهل البدع الذين اخرجوا موجب أعمال القلوب الباطنة من الإيمان بحجة أن هذا يستلزم تجزيء الحقيقة الواحدة وفصلوا بين الظاهر والباطن فكانت هذه القاعدة المطلقة للتتميز بين أهل السنة والمرجئة في هذا الباب كغيرها من حقائق الدين كالتوحيد والإيمان وأنواع الكفر ... ...
أما الحكم على المعين فبابه العمل الظاهر فقط ...
... وهذا من أظهر الأخطاء في هذا المبحث!
ولكن من يتأمل ما جاء به الشيخ يجد أنه يبني أخطاء على أخطاء فهو وفقه الله لما فرق بين الحكم بالإسلام وبين الحكم بالكفر فجعل الأول على الظاهر فقط، بينما الحكم بالكفر يكون على الظاهر والباطن معا! كان لابد أن يقحم هذه القاعدة حيث لا مجال لها ...
وكما هو معلوم أن الأحكام الدنيوية جميعها هي على الظاهر كما هو إجماع أهل السنة والأدلة المعتبرة ...
¥