تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومعلوم أيضا أن الشروط والموانع التي وضعها أهل السنة لتكفير المعين شيء آخر لا دخل لها بمسالة التلازم كما أنها لم توضع لأجل التحقق من الكفر الباطن أصلا كما يقرر الشيخ فهذا خطأ شنيع ما كان ليصدر من مثله ..

قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وبالجملة فأصل هذه المسائل أن تعلم أن الكفر نوعان: كفر ظاهر، وكفر نفاق، فإذا تُكلم في أحكام الآخرة كان حكم المنافق حكم الكفار، وأما في أحكام الدنيا فقد تجري على المنافق أحكام المسلمين".

ويقول: "وهكذا كان حكمه ? في دمائهم وأموالهم كحكمه في دماء غيرهم، لا يستحل منها شيئاً إلا بأمر ظاهر، مع أنه كان يعلم نفاق كثير منهم".

ويقول الشاطبي: "إن أصل الحكم بالظاهر مقطوع به في الأحكام خصوصاً، وبالنسبة إلى الاعتقاد في الغير عموماً، فإن سيد البشر مع إعلامه بالوحي، يُجري الأمور على ظواهرها في المنافقين وغيرهم، وإن علم بواطن أحوالهم، ولم يكن ذلك بمخرجه عن جريان الظواهر على ما جرت عليه". الموافقات (2/ 205)

يقول الحافظ ابن حجر ((من بدل دينه فاقتلوه)).: " هو عام، يُخَص منه من بدله في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر، فإنه تجرى عليه أحكام الظاهر ... وإظهار الإيمان يحصن من القتل، وكلهم أجمعوا على أحكام الدنيا على الظاهر، والله يتولى السرائر". فتح الباري (12/ 273 - 274)

فهذا إجماع صريح في أن الأحكام في الدنيا سواء كانت في الكفر كما تقدم أو الإسلام على الظاهر فلزم بيان خطأ الشيخ وفقه الله في هذه المسالة وما بناه عليها فهو خطا لا شك فيه

كما أن استحداث الشيخ شرط القصد بالفعل أو الباعث على الفعل وهو في الحقيقة

(قصد الكفر) في إجراء الأحكام الظاهرة من أكبر المؤاخذات عليه ولا دليل على اعتبار هذا القصد إطلاقا، وهو قد لجأ إليه لما قرر أن الحكم بالكفر يكون على الظاهر والباطن معا وليس على الظاهر فحسب كما سبق، وإن تجاوزنا اللفظ فيكون في الأعمال المحتملة الدلالة على مراد فاعلها فحسب فما بال الشيخ يفتح الباب على مصراعيه؟!

وكما سبق فإن تقسيم الشيخ لحالات التلازم الأربع هي من عجائبه!

ودليها محض تحكم فما الذي يمنع مثلا أن تدخل الحالة الثانية في الحالة الرابعة إلا محض التحكم ولماذا لا يرد الاحتمال في القصد على الساب؟! .. لماذا؟ اللأن هذا غير معقول كما يقول الشيخ؟ ... هل هذا تأصيل علمي مقبول؟!

وهل يرد هذا الاحتمال على من يقول جاهلا إن الله ثالث ثلاثة؟ أو إن المسيح ابن الله؟ أو يرد على من يسجد للصنم؟

فما فعله الشيخ وفقه الله في هذه القاعدة نقض لها وتفتيت لا دليل عليه والصحيح الذي هو مقتضى عموم الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم والمحققين منهم أن التلازم بين الظاهر والباطن تلازم مطلق، وأن هذا لا دخل له في مسالة تكفير المعين ولا شروطه وموانعه فهذا كله خلط لا دليل عليه ...

وللمرجئة الذي احتج عليهم الشيخ بالتلازم أن يرجعوا عليه في مسالة جنس العمل ويقولوا أن تخلف العمل الظاهر لا يلزم منه بالضرورة تخلف الإيمان الباطن .. فكما أن الكفر الأكبر الذي في القلب (موالاة الكفار) لا يوجب في الظاهر عملا مع وجوده في الباطن فكذلك قد يوجد أصل الإيمان في الباطن مع تخلف موجبه في الظاهر ..

وجواب الشيخ عن هذا هو جوابنا في هذه المسالة ..

ولكن خطورة هذا الكلام أنه في مقام التأصيل ووضع الضوابط ومع ذلك فأدلته لا تساعد على تقريره ...

والتلازم في الحالة الرابعة يفتح الباب لجميع النواقض المكفرة أن تتعلق بالباطن رغم تكرار الشيخ انه بهذا لا يعلق الحكم على الأمور الباطنة ولكنا نقول إن لم يكن هذا كذلك فماذا يكون؟!

ومحاولة جعل السب وبعض الإعمال في حالة خاصة وتسميتها بالقطعية واستثنائها من الحالة الرابعة ليس بصحيح ولا يسلم للشيخ فيها!

بل نجعل الحالة الثانية (القطعية) حجة على الحالة الرابعة إذ لا فرق بينها فكلها نواقض مكفرة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فجعل بعضها قطعي الدلالة على القصد والأخرى ليست قطعية تحكم بلا دليل، ومن فرق فعليه الدليل.

ولا دليل على ذلك إلا الرأي المجرد فضلا أنه لا دليل على هذا التقسيم أصلا ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير