تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأبدله سبحانه بقوله " وقولوا انظرنا " .. والألفاظ قد تكون في أصل الوضع على معنى وفي الاستعمال والاصطلاح على معاني أخرى، فيراعى معنى اللفظ في عرف الاستعمال خاصة في ألفاظ السب والتنقص وهل هذا اللفظ صريح في هذا المعنى أو لا في عرف الاستعمال فإن كان صريحا اخذ به وإلا فلابد من الاستفصال عند احتمال اللفظ لأكثر من معنى ...

وهذا أصل (أي التفريق بين الصريح في الدلالة والمحتمل) جاءت به الشريعة وقررته في الكثير من أبوابها ...

فمثلا في باب الشرك اختلف العلماء في صورة الطواف بالقبر هل هي شرك بذاتها أم أنها بدعة لا تكون شركا إلا إذا قصد تعظيم المقبور واتفقوا على الكثير من صور الشرك الصريح كالدعاء والذبح وغير ذلك

فإذا جاء وقال قائل نستفصل في كل صور الشرك فلا شك انه مخطئ ويحتاج أن يراجع أصوله ...

وهنا في قصة حاطب رضي الله عنه جاء الشيخ وفقه الله مع إقراره أن فعل حاطب - محتمل الدلالة - وسحب حكم فعل حاطب على جميع صور الموالاة وجعلها جميعا في حكم المحتمل من الأفعال ولم يراعي أنه صورة محتملة من جنس صور قطعية ...

فنحن لدينا ثلاثة أنواع من صور الموالاة:

1 - صور قطعية الدلالة على المولاة أو التولي وحكمها كفر مخرج من الملة ومن أظهرها التصريح بمحبة دين الكافرين والرضى به وكذلك من ينصرهم الكفار ويظاهرهم على المسلمين بالرأي والنفس والمال وغير ذلك .. وإن كان لا يحب دينهم أو يرضى به فهذا كفر مخرج من الملة ...

2 - صور محتملة الدلالة على الموالاة فهي تدخل في عمومها وهي من جنس الصور السابقة كما أن الحلف والريا من جنس الشرك ولكنها تكون تارة على وجه الكفر وتارة تكون كبيرة من الكبائر والفرق بينها وبين التي تليها أن ذات العمل محتمل بحسب القرائن وما يحيطه فتارة يكون موالاة ومظاهرة وتارة لا يكون كذلك كفعل حاطب رضي الله عنه

3 - صور محرمة تدخل في عموم الموالاة كبعض أنواع التشبه والمصادقة والركون والبشاشة والمحبة وغير ذلك ..

فإذا رجعنا إلى فعل حاطب رضي الله عنه فنجده فعلا يدخل في عموم الموالاة وهو من جنس المعاونة والمظاهرة إلا انه فعلا محتملا في ذاته على هذا المعنى الأخير والشيخ يقر بذلك ..

والدليل على أن فعل حاطب من هذا النوع (الثاني) من صور الموالاة:

أذكر دلالتين على ذلك الأولى من كلام الشافعي رحمه الله:

والثانية هي اختلاف العلماء في حكم فعل حاطب

وكلا الدلالتين تقضيان أن صورة فعل حاطب رضي الله عنه من الصور المحتملة ... وهذا لا يعني أن لا يوجد صور صريحة ... هذا بالضرورة

قال الشافعي رحمه الله: " في هذا الحديث - مع ما وصفنا لك طرح الحكم باستعمال الظنون؛ لأنه لما كان" الكتاب يحتمل" أن يكون ما قال حاطب كما قال من أنه لم يفعله شاكاً في الإسلام , وأنه فعله ليمنع أهله , ويحتمل أن يكون زلة لا رغبة عن الإسلام , " واحتمل المعنى الأقبح ," " كان القول قوله فيما احتمل فعله" , وحكم رسول الله فيه بأن لم يقتله ولم يستعمل عليه الأغلب "

وفي سؤال الربيع وجواب الشافعي رحمه الله درر كثيرة ازعم أنها تحل الإشكال في هذه المسالة لمن يتأملها حق التأمل منها:

1 - قول الربيع رحمه الله في بداية النقل: " قيل للشافعي رحمة الله عليه: أرأيت المسلم يكتب إلى المشركين من أهل الحرب بأن المسلمين يريدون غزوهم، أو بالعورة من عوراتهم، هل يحل ذلك دمه، ويكون ذلك دلالة على ممالأة المشركين على المسلمين؟.

" فقوله " ويكون ذلك دلالة على ممالأة المشركين على المسلمين " تدل أن ممالأة المشركين بمعنى مظاهرتهم ونصرتهم على المسلمين كفر وأن هذا مقرر عند الشافعي والربيع والإشكال في دلالة هذه الأعمال على هذا المعنى المكفر ....

ولو قيل فقط ممالة المشركين لكان يمكن تفسيرها على المحبة أو الموافقة ولكن العبارة " ممالأة المشركين على المسلمين " فهل هناك أوضح من ذلك؟

2 - أن الشافعي بنى حكمه وكلامه على كتاب حاطب الذي يضعف الشيخ وفقه الله سند ثبوته وشنع على من ذكره من أهلا لعلم حيث قال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير