تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من ذلك كله نرجح أن المصحف الامام قد اختفى من المدينة فى حياة مالك بن انس وهذا يدعونا الى رفض الاحتمالين الاولين وتقبل الاحتمال الثالث ويقضى بأن المصحف الامام فقد من المدينة مع احداث الفتنة الثالثة أو وقعة فخ سنة 169 هـ و إذ أن التاريخ يتفق منطقيا مع الفتره الزمنية التى عاش فيها الامام مالك ومع طبيعة الأحداث وعلى هذه الأساس يمكننا القول بأن المصحف الامام كان محفوظا عند أحفاد عثما ن بن عفان بالمدينة وهؤلاء كانوا أقرباء للأمويين ولا يعقل ان ينتزع الأمويون مصحف عثمان من اقربائهم أحفاد عثمان بن عفان سواء فى فتنة سنة 50 هـ التى اخذت فيها معاوية بيعة أهل المدينة لا بنه يزيد قهراء إذ ليس منطقيا ان يقتحم معاوية دار حفيده خالد بن عمرو بن عفان لينتزع منة المصحف الامام فهو مهما كان الأمرحفيده وأقرب الناس الية واكثرهم موالاة له أو فى فتنة المدينة سنة 63 هـ إذ ليس من المنطقى أن يامر يزيد بن معاوية جنده الشاميين باستباحة حرمة دار خالد بن عمرو بن عثمان الذى هو ابن اخته رمله.

يضاف الى ذلك أن هذين التاريخين سواء عام 50 هـ أو 63 هـ لا يعاصران حياة مالك بن انس الذى أكد أن مصحف عثمان الذى كان يقرأ فيه ساعة استشهاده تغيب.

ونلخص من ذلك كله بأن المصحف الامام الخاص بعثمان بن عفان زالمنقوط بدمه ظل محفوظا فى دار عثمان بالمدينة طوال العصر الاموى وانه تغيب عنها على حد قول الامام مالك فى بداية العصر العباسى وربما فى الوقت الذى اقتحم فيه العباسيون المدينة سنة 169 هـ وهذا يدعونا الى الاعتقاد بأن هذا المصحف انتقل الى أرض العراق فى أعقاب الموقعة اذ ان استيلاء العباسيين على هذا المصحف الذى كان يحتفظ به بنو عثمان بن عفان أقرباء الامويين يعنى الكثير بالنسبة اليهم ومما يؤكد صحه استنتاجنا ان السمهودى المؤ رخ المشرقى وابن مرزوق وابن عبدالملك الانصارى المؤرخان المغربيان يتفقون على أن المصحف الامام المنقوط بدم عثمان كان بالعراق فى حدود سنة 223 هـ فالسمهودى يؤكد ان أبا عبيد القاسم بن سلام رأى المصحف المذكور ةقد استخرج له خزاين بعض الأمراء وانه شاهد آثار دم عثمان به (55) ولكنه لم يحدد البلد الذى رأى فيه هذا المصحف كما انه لم يعرف بالأمراء الذين كانوا يحتفظون به فى خزائنهم.

ومع ذلك فاننا استطعنا من خلال ترجمة أبى القاسم بن سلام الهروى البغدادى ومقارنة رواية السمهودى برواية ابن عبد الملك الأنصارى أن نتوصل الى تحديد الموضع الذى كان المصحف الامام محفوظا فيه , فابن سلام المذكور كان يعرف بالبغدادى لطول اقامته فى بغداد , وكان من أشهر تلاميذ الأصمعى أخذ عنه بالبصرة , كما سمع بالكوفة عن ابن الاعرابى والكسائى , واستقر به المقام بعد ذلك فى بغداد الى أن رحل الى مكة (56) سنه 214هـ (829 م) لآداء فريضة الحج ثم توفى بها سنة 214هـ, ونستنتج من هذه الترجمة أنه عاش فى العراق حتى سنة214هـ , وهذا يعنى أنه شاهد مصحف عثمان المنقوط بدمه فى العراق خلال هذه الفترة حيث استخرج من خزائن أمراء الدولة العباسية ببغداد التى نسب اليها سلام بحكم اقامته الطويلة بها. ومعنى ذلك أن المصحف الامام حمل من المدينة الى بغداد فى أوائل العصر العباسى الأول , وبالذات فى سنة169هـ. وهو العام الذى دارت فيه موقعة فخ , وهناك احتفظ به أمراء بنى العباس فى خزائنهم , ويؤكد ذلك رواية كل من ابن عبد الملك الأنصارى وابن مرزوق التى تؤكد أن يعقوب بن شيبة رأى بنفسه مصحف عثمان المنقوط بدمه فى العراق سنة223هـ , وهذا الإستنتاج يخالف الرأى الذى أدلى به ابن عبد الملك الانصارى والذى يذكر فيه إحتمال إنتقال المصحف إلى الأندلس مع الأمير عبد الرحمن الداخل , ويدعونا الى ترجيح الرأى القائل بوصوله أوعلى الأقل جزء منه كما سنوضح فى الصفحات التالية فى عهد الأمير (57) عبداللرحمن الأوسط (206 - 238هـ). . وتختلف آراء مؤرخى الأندلس بشأن أن هذا المصحف:

فابن بشكوال يرى أن هذاالمصحف هو أحد المصاحف الأربعة التى بعث بها عثمان رضى الله عنه إلى الأمصار , وأن ما اصطبغ به من آثار دماء زيف ووهم ولا أساس له من الحقيقة وبرجح ان يكون هذا المصحف هو نفس المصحف العثمانى الشامى (58).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير