تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويرى ابن عبد الملك الانصارى أن هذا المصحف الذى احتفظ به الامويون فى جامع قرطبة واهتم عبد الرحمن الناصر بتزويقه والاحتفال به ثم غربمن قرطبة سنة 552 هـ إلى مراكش لم يكن النسخة الخاصة بالخليفة الشهيد عثمان بن عفان ويرجع بدوره أن يكون الأندلس سنة 138 هـ او بعثت اليه أخته من الذخائر والتحف أو يكون مما اجتلب الى غيره من ذريته (59) ومع ذلك فهو يذكر نقلا عن الرازى أن المصحف المحفوظ بجامع قرطبة هو مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان (60) مما خطه بيمينه كما يذكر نقلا عن ابن حيان فى أحداث سنة 354 هـ أنه مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه خطه بيمينه (61). ويذكر المقرى أن هذا المصحف كان مصحف عثمان بن عفان وكان يقرأ فيه عندما استشهد وكان يزدان بحلية من الذهب مكللة بالدر والياقوت وعليه أغشية الديباج (62) وفى موضع آخر يؤكد أنه مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه مما خطه بيمينه (63).ومن خلال هذا العرض للآراء المختلفة يتبين أن هناك فريقين: الأول:- يؤكد أن المصحف الذى كان بجامع فرطية هو مصحف عثمان بن عفان الخاص به كتبه بخط يده وكان يقرأ فيه لحظة استشهاده فتناثرت قطرات من دمه وتركت آثارها عليه ومن هذا الفريق الرازى وابن حيان والادريسى

أما الفريق الثانى:- فينفى أن يكون المصحف المذكور مصحف عثمان الخاص به ويميل أصحاب هذا الرأى الى أن المصحف هو أحد المصاحف الأربعة التى بعث بها عثمان الى الأمصار الأربعة ويرجحون أن يكون نفس المصحف الشامى وأنه دخل دخل الاندلس فى عهد عبد الرحمن الداخل ومن هذا الفريق ابن بشكوال وابن عبد الملك الانصارى.

ونميل الى الأخذ بالرأى القائل بأن مصحف جامع قرطبة هو نفسه أو بضع أوراق منه بمعنى أصح , المصحف الامام الذى كان يقرأ فيه الخليفة الشهيد وقت استشهاده وإن كنا لانوافق أصحاب هذا الرأى على أن عثمان بن عفان هو الذى خطه بيمينه لأن المصادر العربية تجمع على أنه عهد إلى عدد من الصحابة بنسخ المصحف على قرأءة واحدة بلسان قريش , وأنه لمن يكتب أو ينسخ بنفسه أيا من هذه المصاحف. كما نرفض رأى ابن بشكوال وابن عبد الملك الانصارى بشأن المصحف المحفوظ بجامع قرطبة ويذهب كل منهما على أن هذا المصحف هو أحد المصاحف الأربعة التى أرسلت على الأمصار الأربعة البصرة والكوفة ومكة ودمشق , وإن كانا يرجحان أن يكون مصحف دمشق. ونعتقد أن مصحف الكوفة ربما ضاع فى غمرة القلاقل والإضطرابات التى احتدمت فى الكوفة فى خلافة على بن ابى طالب وفى العصر الأموى عندما أصبحت مركزا للتشيع , وحتى لو افترضنا بوجوده فى الكوفة فلا يعقل أن يفرط أهل الكوفه فى مصحفهم العثمانى الامام ليرسل إلى الأندلس التى كان يتولى حكمها أمراء من البيت الاموى السنة. وأما مصحف مكة فقد وصلتنا أخبار عنه حتى القرن الثامن الهجرى , ومن ذلك أن ابن جبير رآه بمكة أثناء زيارته لها (64) , كما تحدث عنه الرحاله الطنجى ابن بطوطه عند زيارته للحرم المكى الشريف (65) , كما عينه أبو القاسم التجيبى السبتى فى قبة اليهودية بمكة فى أواخر سنه 696هـ وكذلك تحدث عنه السمهودى فى مصنفه وفاء (67) الوفا , وعلى هذا الأساس لا يمكن أن يكون مصحف مكة هو مصحف قرطبة.

أما مصحف البصرة فقد أشرنا فيما سبق أن ابن بطوطه رآه فى البصرة ورجحنا أن يكون نفس المصحف الذى أرسله عثمان بن عفان إلى البصرة , وربما أنتقل فيما بعد إلى سمرقند ثم إلى طشقند , وأيا ما كان الأمر فإن رؤية ابن بطوطة لمصحف البصرة يتعارض مع الرأى القائل بأنه هو ذاته المصحف الذى كان بجامع قرطبة.

بقى علينا أن نناقش قول كلا من ابن بشكوال وابن عبد الملك بأن مصحف قرطبة هو أصلا المصحف العثمانى بدمش أنه دخل الأندلس مع عبد الرحمن الداخل سنة 138 هـ وهو قول مردود نستبعده تماما لما يأتى: ---

أولا:- أن الرحاله الذين زاروا دمشق وصفوا المصحف العثمانى الشامى فى فترات زمنية متأخرة مما يتعارض مع رأى ابن عبد الملك الانصارى فى أنه انتقل الى قرطبة زمن عبد الرحمن الداخل.

فقد رآه ابن جبير (68) ووصفه كما شاهده الهروى (69) (سنة 611هـ) وشاهده أبو القاسم التجيبى السبتى سنة 697 هـ (70) وكذلك ابن فضل الله العمرى (71) فى القرن الثامن الهجرى وابن بطوطه فى نفس القرن (72).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير