تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانياً: علل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بعلتين الأولى عدم الفقه، والثانية قوله لعبد الله "فإن لزوجك عليك حقاً ولجسدك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً". فالرجل عليه مسؤولية تجاه أسرته ومنزله وضيفه وكذلك عليه الرفق بنفسه. وختم القرآن في أقل من ثلاث على حساب ذلك غالباً.

ثالثاً: يجب أن يربط ذلك بالنصوص الأخرى التي تحث على القصد والمقاربة "إن هذا الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة واعلموا أنه لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله". وفي رواية الإمام أحمد لحديث عبد الله بن عمرو (6477):"فإن كل عابد شرّة ولكل شرة فترة، فإما إلى سُنة وإما إلى بدعة، فمَن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك".

رابعاً: أن خير الهدْي هديه - صلى الله عليه وسلم - وهو أعبد الناس وأخشاهم لله وقد غضب على الذين تقالُّوا عبادته، وفي رواية أحمد لحديث عبد الله بن عمرو أنه قال له: "لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام، وأمس النساء فمَن رغب عن سنتي فليس مني" وروى مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "ولا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان" ونحن متعبدون باتباع سُنته وهديه. مع ما نكنّه في نفوسنا من تقدير وإكبار وإجلال لسلف الأمة. ولذلك قالت عائشة - رضي الله عنها - لما قيل لها إن رجالاً يقوم أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلاثاً - "قرأوا أو لم يقرأوا كنت أقوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة التمام فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا ورغب ولا بآية فيها تخويف إلا دعا واستعاذ" والحديث ذكره في الفتوحات (2/ 231) ونُسب للحافظ أنه قال: "والحديث حسن أخرجه ابن أبي داود وأخرج أحمد المرفوع منه فقط".

خامساً: هناك وظائف شرعية كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وإصلاح الناس، والتي هي من فروض الكفاية ومن أفضل الأعمال الصالحة والأمة لا تستغني عن جهود أبنائها في ذلك. ففي التفرغ لتلاوة القرآن على هذا النحو تعطيل لهذه الوظائف خاصة في هذا العصر، وقد أشار النووي - رحمه الله - إلى شيء من ذلك حين قال في التبيان (ص48): "وكذا مَن كان مشغولاً بنشر العلم وغيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له".

سادساً: في مقابل هؤلاء الذين نقل عنهم الإكثار من ختم القرآن نقل عن غيرهم بل أكثر السلف التسبيع، فَلِمَ يكون رأي أولئك أَوْلى بالقبول من هؤلاء وهم أكثر وفعلهم يتأيد بالسنة الصحيحة عنه - صلى الله عليه وسلم -.

المسألة السادسة: هل يكون التحزب بالسور أو الأجزاء؟

عقد شيخ الإسلام ابن تيمية لهذه المسألة فصلاً في الجزء الثالث عشر من مجموع الفتاوى ورأى أن التحزيب المشروع هو أن يكون بالسور للأمور الآتية:

1 - أن المنقول عن الصحابة هو التحزيب بالسور لا بالأجزاء وذكر حديث أوس بن حذيفة، وقد سبق في أول البحث.

2 - أن الأجزاء والأحزاب محدثة وفيه حديث أوس أنهم حزّبوه بالسور، وهذا معلوم بالتواتر فإنه قد علم أن أول ما جُزئ القرآن بالحروف تجزئة ثمانية وعشرين، وثلاثين، وستين هذه الأجزاء التي تكون في أثناء السورة، وأثناء القصة ونحو ذلك كان في زمن الحجاج وما بعده وروي أن الحجاج أمر بذلك. ومن العراق فشا ذلك ولم يكن أهل المدينة يعرفون ذلك (13/ 409).

3 - أن هذه التحزيبات تتضمن دائماً الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده حتى يتضمن الوقوف على المعطوف دون المعطوف عليه، فيحصل القارئ في اليوم الثاني مبتدئاً بمعطوف كقوله - تعالى -: ((والْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) [النساء:24] وقوله ((ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ)) [الأحزاب:31] وأمثال ذلك، ويتضمن الوقف على بعض القصة دون بعض - حتى كلام المتخاطبين - حتى يحصل الابتداء في اليوم الثاني بكلام المجيب كقوله - تعالى -: ((قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)) [الكهف:72] ومثل هذا الوقوف لا يسوغ في المجلس الواحد إذا طال الفصل بينهما بأجنبي،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير