ورد في القرآن الكريم قصص كثير عن الأمم والأنبياء والمرسلين وحال كثير من الجبابرة والمتمردين وكيف فعل الله بهم مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعاصر تلك الوقائع والأحداث، ولم يقرأ عنها كتاباً وهذا وجه من وجوه إعجاز الكتاب الكريم ودليل صدق على ما جاء به هذا النبي العظيم - صلى الله عليه وسلم -،
فمن فوائد القصص ما يلي:
1 - تثبيت فؤاد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه، قال - تعالى -: {وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين} [هود: 120].
2 - الدلالة على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث إنه لم يعاصر أحداث القصة ولم يتعلمها من معلم. قال - تعالى -: {وما كنت بحانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر} [القصص: 44]، وقال - تعالى -: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين} [هود: 49].
3 - تصديق الأنبياء السابقين فيما دعوا إليه الناس، قال - تعالى -: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه} [يوسف: 111].
4 - بيان الحق فيما اختلفوا فيه والتحذير من كيد الأعداء. قال - تعالى -: {إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين}.
الملوك في القرآن الكريم:
لقد تأملت في سور القرآن الكريم وأمعنت النظر في الآيات التي ذكرت فيها كلمة "الملك أو الملوك" ورجعت إلى بعض كتب التفسير لمعرفة ما كتبوه في هذا الصدد، فما ذكر الملك أو الملوك إلا في موضع الذم والفساد. فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم:
لا خلاف بين المفسرين على كون الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة. إنما الخلاف في قوله - تعالى -: {وكذلك يفعلون} هل هو من كلام الله أم من كلام المرأة؟!.
أما فساد الملوك فيكون بالقتل والأسر ونهب الأموال وتخريب الديار. {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} جعل الرؤساء السادة الأشراف من الأرذلين [4].
- وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً:
في قصة موسى - عليه السلام - والعبد الصالح "الخضر".
{قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً. قال إنك لن تستطيع معي صبراً، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً. قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً. قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك ذكراً. فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً… قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً. أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً} [الكهف: 66 - 79].
فالملك كان قاطعاً للطريق وينهب أموال المساكين. أنانية الملوك "ائتوني به استخلصه لنفسي".
رأى ملك مصر رؤيا هالته وأفظعته وجمع لها كل من حوله لتأويلها والتعبير عنها فما استطاعوا فرجعوا إلى يوسف - عليه السلام - وعبر عن تلك الرؤيا أصدق تعبير.
{وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين. وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون. قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم. قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين. ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم. وقال الملك ائتوني به استخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين. قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم. وكذلك
¥