قال عليه الصلاة والسلام ((الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام)) ().
أيها القارىء العزيز يوسف الطاهر العفيف ابتلي بسيدة مراودة ولإيقاعه في السوء قاصده، همت بيوسف عليه السلام، ولم يتحقق ذلك الهم، لكنه بقي محفوظا وفي القرآن مكتوبا فتناوله الناس بالكلام وأهل التفسير بالكشف والبيان، واختلفت عباراتهم وتباينت درجاتهم مع الإجماع منهم على طهارته، فقد نص القرآن على براءته، ولكن بقي لعبارة " الهم " المضافة إليه أثراً أوجدت في نفوس البعض شبهاً.
أيها القارىء الكريم حديثي معك في هذا البحث حول الآية الكريمة السابقة، والحديث فيها يحتاج إلى تأمل وأناة، فظاهرها فيه شبهة لمن قد يطعن في نزاهة نبي الله يوسف عليه السلام، فيطعن حينئذ في عصمة الأنبياء، وهذا عين البلاء.
وتبيين الأمر وإبطال الشبهة في الآية من أهم الأسباب التي دعتني إلى الحديث عن هذا الموضوع، مضافاً إلى ذلك خفاء معناها على كثير من الناس حتى على بعض طلبة العلم.
ولذا قال الرازي: (اعلم أن هذه الآية من المهمات التي يجب الاعتناء بالبحث عنها) ().
فأحببت أن أساهم في بيان وجه الحق فيها فتناولتها بهذا البحث " الإيضاح الأتم لقوله تعالى "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ... الآية".
وقد سرت في هذا البحث على وفق منهج يتلخص في الآتي:
1 - اعتمدت بعد الله تعالى على ما قاله العلماء الأفاضل في تفسيرهم لهذه الآية.
2 - رتبت مقالات العلماء وعزوتها إلى مصادرها.
3 - حاولت بيان الأدلة التي اعتمد عليها أصحاب كل قول إن وجد.
4 - بينت الراجح في نظري وذكرت أوجه الرجحان.
5 - أعرضت عن ذكر الروايات الإسرائيلية الكثيرة، واكتفيت بالإشارة إلى طرف منها.
6 - حرصت قدر الإمكان على عزو الأقوال إلى أصحابها.
7 - عرفت بالأعلام عدا الصحابة وأهل المصنفات التي أنقل عنها.
8 - قربت محتوى البحث بعمل عدة فهارس.
وقد جعلت البحث في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة.
أما المقدمة فعرضت فيها أسباب اختيار الموضوع ومنهج البحث وخطته.
وأما التمهيد فتحدثت فيه عن الأخبار والروايات الإسرائيلية.
و المبحث الأول جعلته في: بيان معنى الهم في اللغة.
والمبحث الثاني في: المراد بهم امرأة العزيز بيوسف عليه السلام.
والمبحث الثالث في: المراد بهم يوسف عليه السلام بامرأة العزيز.
والمبحث الرابع في: بيان المراد بالبرهان.
والخاتمة: عرضت فيها نتائج البحث.
هذا وأسأل الله التوفيق والسداد وأن يجعل هذا العمل لوجهه خالصا فهو حسبي ونعم الوكيل.
تمهيد
لقد عرض القرآن الكريم لأخبار الأمم السالفة وأكثر من ذكر قصص الأنبياء ففصل في بعض وأجمل في بعض.
والقارىء لكتاب الله تعالى عند مروره بقصة أو خبر من تلك الأخبار يتبادر إلى ذهنه أسئلة كثيرة لا يجد لها جواباً.
ففي قوله تعالى {فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون} () مثلاً قد يتساءل عن البعض الذي أمروا أن يضربوا به القتيل، هل هو العنق، أم الذيل، أم الجنب وهكذا.
وفي قصة نبي الله يوسف عليه السلام يتساءل القارىء كم لبث عليه السلام في الجب؟ وكيف كان يأكل؟ وما نوع الدلو الذي أخرج به؟ وما نوع الدراهم التي اشتري بها؟ وما اسم الذي اشتراه؟ وما اسم امرأة العزيز؟ وما اسمي السجينين معه، وما أسماء اخوته؟ وأسئلة كثيرة غيرها.
وفي قصة أصحاب الكهف تتبادر إلى ذهن القارىء أسئلة كثيرة جداً، ما أسماء أولئك الفتية؟ وأين مكانهم؟ وما اسم ملك زمانهم؟ وبأي عملة كانوا يتعاملون؟
وهكذا أسئلة كثيرة وكثيرة تقفز إلى الذهن عند قراءة القصص القرآني.
ويحاول القارىء للقرآن البحث عن أجوبة لتلك التساؤلات فلا يجد الجواب الصحيح إلا نادراً. وذلك أن معرفة كل التفاصيل عن القصة أو الخبر لا يفيد شيئاً إذ المقصود من إيرادها واضح وظاهر دون ذكر تلك الدقائق والتفاصيل. وإلى هذا أشار إمام المفسرين أبو جعفر الطبري رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: {فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى} فبعد أن ذكر مقالات أهل التفسير في بيان المراد بالبعض الذي أمروا أن يضربوا به القتيل قال: (والصواب أن يقال أمرهم الله جل ثناؤه أن يضربوا القتيل ببعض البقرة ليحيا المضروب، ولا دلالة في الآية،
¥