تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ وكذلك قوله رحمه الله ـ الذي سبق ذكره ـ في قول الله تعالى: (فإن طلّقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنّا أن يُقيما حدود الله): "في هذا دلالةٌ على أنّه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يدخل في أمرٍ من الأمور خصوصاً الولايات الصغار والكبار؛ أن ينظر في نفسه؛ فإن رأى من نفسه قوّةً على ذلك، ووثق بها أقدم، وإلا أحجم" [ص 103].

ـ ومن ذلك قوله رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: (وما محمّدٌ إلا رسولٌ قد خلتْ من قبله الرسلُ أَفَإنْ مات أو قُتِل انقلبتم على أعقابكم) [آل عمران 144]: "في هذه الآية الكريمة إرشادٌ من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالةٍ لا يُزعزعهم عن إيمانهم ـ أو عن بعض لوازمه ـ فقدُ رئيسٍ؛ ولو عظُم، وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمرٍ من أمور الدّين بعدّة أُناسٍ من أهل الكفاءة فيه؛ إذا فُقِد أحدُهم قام به غيُره، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصدٌ في رئيسٍ دون رئيسٍ؛ فبهذه الحال يسْتتبّ لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم" [ص 151].

ـ ومثل قوله عليه رحمة الله عند تفسير (فبما رحمة من الله لنت لهم): "الأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين؛ تجذب الناس إلى دين الله، وترغّبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب. والأخلاق السيّئة من الرئيس في الدين؛ تنفّر الناس عن الدين، وتبغّضهم إليه؛ مع ما لصاحبها من الذمّ والعقاب الخاصّ؛ فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول؛ فكيف بغيره؟! " [ص 154].

ـ ومن ذلك ذِكْرُهُ "ما في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية"؛ حيث قرّر "أنّ فيها تسميحاً لخواطرهم، وإزالةً لما يصير في القلوب عند الحوادث؛ فإنّ من له الأمر على الناس إذا جمع أهل الرأي والفضل وشاورهم في حادثةٍ من الحوادث، اطمأنت نفوسهم وأحبّوه، وعلموا أنه ليس بمستبدٍّ عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلّيّة العامّة للجميع؛ فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته؛ لعلمهم بسعيه في مصالح العموم؛ بخلاف من ليس كذلك فإنهم لا يكادون يحبّونه محبةً صادقةً، ولا يطيعونه، وإن أطاعوه فطاعةٌ غير تامّة ... " [ص 154].

ـ كما نصّ على منهج القرآن في الجمع "بين تعليم الأحكام، وما به تُنفَّذ الأحكام، وما به تُدرك فوائدها وثمراتها! " [ص 155].

ـ ومن ذلك قوله في تفسير (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكنّ البرّ من اتقى وأْتُوا البيوت من أبوابها) [البقرة: 189]: "يُستفاد من إشارة الآية أنه ينبغي في كلّ أمرٍ من الأمور أن يأتيه الإنسان من الطريق السّهل القريب الذي قد جعل له موصلاً: فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي أن ينظر في حالة المأمور، ويستعمل معه الرفق والسياسة التي بها يحصل المقصود أو بعضه، والمتعلّم والمعلّم ينبغي أن يسلك أقربَ طريقٍ وأسهلَه يحصل به مقصوده؛ وهكذا كلُّ من حاول أمراً من الأمور وأتاه من أبوابه وثابر عليه؛ فلا بد أن يحصل له المقصود بعون الملك المعبود" [ص 88 - 89].

الرابع والعشرين: أنّ السّعديَّ قد تميّز بطول النفَس، وسعة الباع في ذكر المعاني الكثيرة المحتَمَلة [كما تراه في ص 48، 65، 66،89، 113، 117، 131]:

ـ فقد قال في تفسير (واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة) [البقرة 231]: "أي السُّنّة اللَّذَيْن بيّن لكم بهما طرق الخير، ورغّبكم فيها وطرق الشرّ وحذّركم إياها، وعرّفكم نفسه ووقائعه في أوليائه وأعدائه، وعلّمكم ما لم تكونوا تعلمون، وقيل: المراد بالحكمة أسرار الشريعة؛ فالكتاب فيه الحِكَم، والحكمة فيها بيان حكمة الله في أوامره ونواهيه. وكلا المعنيين صحيحٌ" [ص 103].

ـ وقال في تفسير (هذا بيانٌ للناس وهدى وموعظةٌ للمتقين) [آل عمران: 138]: "لأنهم هم المُنْتفعون بالآيات؛ فتهديهم إلى سبيل الرشاد، وتعظهم وتزجرهم عن طريق الغيّ، وأما باقي الناس فهي بيانٌ لهم، تقوم به عليهم الحجّة من الله؛ ليهلك من هلك عن بيِّنةٍ، ويحتمل أنّ الإشارة في قوله: (هذا بيانٌ للناس) للقرآن العظيم، والذكر الحكيم، وأنه بيانٌ للناس عموماً، وهدى وموعظةٌ للمتّقين خصوصاً، وكلا المعنيَيْن حقٌّ" [ص 149].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير