تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ وكذلك قوله في تفسير (وليُمحِّص الله الذين آمنوا) [آل عمران 119]: "يمحِّص بذلك المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم ... وليمحّص الله أيضا المؤمنين من غيرهم من المنافقين" [ص 50].

الخامس والعشرين: أنّ هذا التفسير الماتع قد حثّ على كل علمٍ نافعٍ: كقوله في شأن التاريخ عند قول الله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجّون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم في ما لكم به علم فلِمَ تحاجّون فيما ليس لكم به علمٌ والله يعلم وأنتم لا تعلمون) [آل عمران 65 - 66]: "فيها ... حثٌّ على علم التاريخ، وأنه طريقٌ لردّ كثيرٍ من الأقوال الباطلة والدعاوى التي تُخالف ما عُلِم من التاريخ" [ص 134].

السادس والعشرين: أنّ السّعدي قد وُفِّق في عدم التعويل على الإسرائيليات، والانسياق وراء أوهام أهل الكتاب وأباطيلهم:

ـ فقد صرّح بمنهجه في ذلك بقوله: "اعلم أنّ كثيراً من المفسّرين ـ رحمهم الله ـ قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزّلوا عليها الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، مُحْتجّين بقوله صلى الله عليه وسلم: ((حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)). والذي أراه أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجهٍ تكون مُفردةً غير مقرونةٍ، ولا منزّلةٍ على كتاب الله؛ فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أنّ مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم))؛ فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أنّ القرآن يجب الإيمان به، والقطع بألفاظه ومعانيه؛ فلا يجوز أن تُجْعَل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة ـ التي يغلب على الظنّ كذبها أو كذب أكثرها ـ معانيَ لكتاب الله، مقطوعاً بها، ولا يستريب بها أحد؛ ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل! " [ص 55 - 56]. وانظرْ كذلك [ص 112، 138].

السابع والعشرين: أنّ هذا التفسير قد استلهم رُوحَ السنةِ النبوية؛ حتى إنّ القاريء ليستحضر أحاديثَ النبي صلى الله عليه وسلم بمجرَّد أن يسمع بعض المعاني التي يربط بها السعدي بين القرآن والسنة:

ـ كما مرّ في الكلام على الإسرائيليات، وكما في قوله رحمه الله في تفسير (لتكونوا شهداء على الناس) [البقرة: 143]: "ومن شهادة هذه الأمة على غيرهم أنه إذا كان يوم القيامة وسأل الله المرسلين عن تبليغهم, والأمم المكذِّبة عن ذلك, وأنكروا أنّ الأنبياء بلّغتهم, استشهدت الأنبياء بهذه الأمة, وزكّاها نبيّها" [ص 71]. فهذا يذكِّر طالب العلم بما رواه البخاري في كتاب (أحاديث الأنبياء) باب قول الله عز وجل (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه) [هود: 25]، وفي كتاب (التفسير) باب (وكذلك جعلناكم أُمّة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) [البقرة: 143]، وفي كتاب (الاعتصام بالكتاب والسنة) باب (وكذلك جعلناكم أُمّة وسطاً) عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُدعى نوحٌ يومَ القيامة فيقول: لبّيك وسعديْك يا ربّ! فيقول: هل بلّغتَ؟ فيقول: نعم. فيُقال لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذيرٍ! فيقول: من يشهد لك؟ ـ وفي رواية الاعتصام: من شُهودُك؟ ـ فيقول: محمّدٌ وأُمّته؛ فيشهدون أنه قد بلّغ، ويكون الرسول عليكم شهيداً؛ فذلك قوله جل ذكره (وكذلك جعلناكم أُمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً).

ـ وكذلك قوله في تفسير (فلنُولّينّك قبلةً ترضاها) [البقرة: 144]: "أي: تحبّها وهي الكعبة, وفي هذا بيانٌ لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم, حيث إنّ الله تعالى يسارع في رضاه" [ص 71]؛ فإنّ هذه العبارة مُسْتوحاةٌ من قول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنه لما نزل (تُرْجي من تشاء منهن وتُؤوي إليك من تشاء) [الأحزاب: 51]: "ما أرى ربَّك إلا يُسارع في هواك" كما في الصحيحين.

الثامن والعشرين: أنّ الشيخ السعديَّ يلهج ـ كثيراً ـ في تفسيره بحمد الله وشكره على عظيم نعمائه؛ وهذا ـ لعمري ـ مما يزيد الأعمال بركةً وصلاحاً وفلاحاً؛ وما هذا التفسيرُ البديعُ إلا ثمرةً من ثمرات قول الله تعالى: (لئنْ شكرتم لأزيدنّكم):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير