تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(أوثق الناس، أثبت الناس، إليه المنتهى في التثبت، ثقة ثقة، ثقة حافظ، ثبت حجة، ثقة متقن، ثقة، ثبت، إمام، حجة، عدل حافظ، عدل ضابط، لا بأس به، ليس به بأس، صدوق، خيار، محله الصدق، شيخ، مقارب الحديث، صدوق له أوهام، صدوق يهم، صدوق إن شاء الله، أرجو أنه لا بأس به، ما أعلم به بأساً، صويلح، صالح الحديث ... )

ومن الأوصاف المستعملة في الجرح:

(أكذب الناس، إليه المنتهى في الكذب، هو ركن الكذب، وضاع، كذاب، يضع الحديث، يختلق الحديث، لا شيء، متهم بالكذب، متهم بالوضع، يسرق الحديث، ساقط، هالك، ذاهب الحديث، متروك الحديث، تركوه، فيه نظر، سكتوا عنه، ليس بثقة، ردوا حديثه، ضعيف جداً، واه، تالف، لا تحل الرواية عنه، منكر الحديث، ضعيف، ضعفوه، مضطرب الحديث، لا يحتج به، ليس بالقوي، ليس بحجة، ليس بالمتين، سيئ الحفظ، لين، تعرف وتنكر، ليس بالحافظ ... )

وهذه الأوصاف في أغلبها أوصاف ذاتية، نجدها كثيرا منها متكررا عند علماء الجرح والتعديل، بدون أن يقصدوا به نفس الحكم أو نفس القيمة.

وقد بدر لي السؤال التالي: لم لا يفكر المتخصصون في هذا العصر، في أن يطوروا (بطريقة جماعية) نظاما موحدا جديدا لدرجات الجرح والتعديل، يعتمد الأعداد وليس الألفاظ الوصفية. فيصبح مثلا تقييم الرجل من خلال عدد يسند إليه من 0 إلى 20 (أو إلى 100)، ويكون هذا العدد ناتجا عن جملة من الأعداد الممنوحة حسب بعض المعايير المحددة سلفا.

فلو منحنا الرجل: 2 على المعيار الأول، و10 على المعيار الثاني، و12 على آخر، إلخ، فنجد أننا منحناه في آخر المطاف (مثلا) 72 نقطة؟

وأقول نفس الشيء عن درجات الحديث ومراتبه. فماذا لو أصبح لدينا ترتيب جديد (متفق عليه بين أهل الاختصاص) لدرجات الحديث يعتمد أيضا على الأعداد عوض ألفاظ (صحيح، حسن، ضعيف، آحاد، متواتر ... ). فيكون لنا سلم ترتيب من إلى 20 (أو 100) يسمح بإعادة تقييم جميع الأحاديث التي وصلتنا.

لا شك في أن الموجود حاليا في هذين العلمين وصل غلى درجة جيدة من الدقة، غير أننا نحتاج للوصول إلى نظام أكثر دقة مما نملكه حاليا، وأكثر حساسية للاختلافات الدقيقة ..

ولتقريب الأفهام: فكأننا نستعمل حاليا ميزانا تقليديا، يزن الأمور بالرطل والكيلو، في حين أننا نحتاج لميزان إلكتروني جديد يسمح بتحديد الوزن على مستوى الجرام. ومثال آخر

ومثال آخر: كأننا نحكم على الألوان من خلال قائمة ألفاظ عامة، لا تسمح لنا بالتمييز بين درجات الزرقة داخل نفس اللون الأزرق. فلا يكون حكمنا دقيقا.

في ذهني مجموعة من الأفكار المفيدة جدا في هذا الموضوع، وقد استغرق مني جهدا ذهنيا طويلا، وأشعر أنني قد اقتربت لما يسمى في لغة البرمجة ( Algorithm) قد يصل بنا إلى حل نهائي لاختلاف تقييم الأحاديث من هذا المنطلق. وللأسف، فإن كثرة الاهتمامات، وعدم عثوري (في المدينة التي استقررت بها) على باحثين يهمهم العمل في هذا الاتجاه، جعلني أؤجل يوما بعد يوم كتابة كل الأفكار المتعلقة به.

وقد نبعت لدي هذه الفكرة من خلال اطلاعي ومساعدتي لأحد الأصدقاء في تطوير برنامج أكاديمي مندرج ضمن رسالة الدكتوراه قدمها سنة 2004، وحصل بها في ذلك الحين على جائزة الدولة لأفضل رسالة دكتوراه تمت على مستوى الجامعات الكندية. وقد توصل فيها الباحث وهو مسلم تونسي يدعى (خالد جابر) إلى وضع (خطوات عامة لمساعدة أعضاء مجموعة ما في الوصول إلى نتيجة توافقية في الحكم على أمر ما)، في واقع متعدد المعايير ومتعدد الخصائص. ويمكن تطبيق نتائج هذه الدراسة في مجالات عديدة من البحث.

وقد ألح هذا الموضوع علي طويلا، لقناعتي التامة بأن اعتماد مثل هذه الأبحاث العلمية سيحدث ثورة جديدة في علوم الدين (وخصوصا علوم الحديث، والفقه) لتضييق الخلاف. ولذلك، ورغم عدم وجود الإطار الذي يساعدني على الاقتراب من التخصصات الشرعية (من خلال الدراسة الجامعية)، إلا أنني تمكنت بفضل الله، من دراسة عدد من المسائل بواسطة الدروس العلمية الصوتية المتخصصة الموجودة في عدد من الشبكات الإسلامية. وأصبح لدي إلمام نسبي بهذه المباحث الدقيقة، واطلعت على الصعوبات الكامنة فيهان مما لن يقدر المتخصصون فيها على تجاوزها لحد الآن. وأنا أعذرهم في ذلك، لأنني أعتقد ان الحل يكمن في الاستنجاد بأهل الاختصاص في مجال غير مجالهم، في علوم الكمبيوتر (ميدان التحليل والبرمجة الآلية)، وفي علوم الإدارة (نظريات وأنظمة اتخاذ القرار ... )، لأن هؤلاء وصلوا في القرن العشرين (ووهم مستمرون في الوصول) إلى فتوحات كبيرة في وضع معايير أقرب إلى العدل والدقة والصواب في إطلاق الأحكام واتخاذ القرارات الجماعية.

وأرجو ألا يبدر إلى ذهن أحد أن ما أدعو إليه هو دعوة إلى ترك ما قام به علماء السلف، بل أنا أشهد (ومن خلال تخصصي في علوم الكمبيوتر، أي من خلال بحث علمي بحت) أن ما قام به علماء الجرح والتعديل وعلوم الحديث، يمثل ثورة عظيمة متقدمة تبعث على الفخر والاعتزازا، وفي نفس الوقت على العَجَب كيف توصل إليها هؤلاء العلماء في تلك القرون الماضية؟

على كل، أرجو ألا أكون قد أطلت الحديث في ما لا فائدة فيه. وأعتذر سلفا، لتشعب المواضيع التي أطرحها أو اعلق عليها، فأنا لست متخصصا في مجالكم، وإنما أستفيد كثيرا منكم في مجالكم، وأحاول لفت انتباهكم كمتخصصين في علوم الدين إلى زوايا نظر جديدة ستفتح لكم مجالات أوسع من البحث العلمي.

أسأل الله أن يلهمنا جميعا الرشد والصواب والإخلاص والسداد والحكمة في كل أعمالنا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير