ومن المؤسف أن معايير هذا التحكيم كثير منها لازال غامضا؛ فلايوجد له مؤلف يعتني به، ولاتوجد طائفة من المحكمين تقوم على بيانه للباحثين أوتأليفه في مذكرات مساعدة،
بل في كثير من الأحيان مايترك الأمر في التحكيم، للمحكم الخارجي الذي لايعرف فيه هذا المحكم شيئا عن الباحث، وذلك عن طريق وسيط معروف هو المؤسسة العلمية، أو دار النشر، وكثيرا ماتتفاوت التقييمات من محكم لاخر، ومن جهة لجهة، وفي احوال كثيرة تتدخل الجهة الوسيطة لحل بعض إشكالات التحكيم، وهذا مقرر ومعروف عند الباحثين.
وبالنسبة لمعايير تقييم الأشخاص في هذه الحالة، أي حالة الأكاديميين فهي معروفة فهي إدارية، وعلمية وفي مقترح ان يكون التقييم بحسب درجات الاداء فهذا لعله الأسلوب المستخدم حاليا، وإن كنت لاأعلم حقيقته بالتأكيد، لكن ماسمعته من البعض أن هناك معاناة كثيرة من درجات هذا القياس وعدم إدراكهم لحقيقتهم وبالتالي عدم فهمهم لمبررات انخفاض درجاته.
وأما في حالة العلماء المشهورين والمؤلفين البارزين المشهود لهم بجودة التأليف فمعايير تحكيم بحوثهم تأخذ اشكالا مختلفة معروفة لدى دور النشر المسؤولة عن طباعة كتبهم، وهي كذلك معايير تحتاج إلى التأليف والتعريف.
أخيرا: لعل في ماسبق إجابة عن سؤالكم، والعنوان قيم جدا، جزاكم الله خيرا على طرحه في هذا الملتقى. والله أعلم.
ملخص:
- لتقييم الكتب القديمة، وبيان درجات تعديل وجرح القدماء، من المناسب اليوم، إحالة هذا الموضوع بأسئلته إلى المجامع العلمية للإجابة عنه ثم تبني فكرة إعادة تقييمه.
- لتقييم الكتب المؤلفة حديثا من القرن الرابع عشر، وحتى اليوم، فمن المناسب قيام مجموعة من المتخصصين بتاليف معايير هذا التقييم، وطلبه في عدد من الجهات، أوطلب تلك الجهات مبادئه ممن تتعاون معهم في تحكيم البحوث، ثم يكون رسم خطوط معقولة للتعريف بأفضل هذه المعايير، وأكثر جهاتها تطبيقا لجوانبها المميزة،
وأما معايير تقييم الأشخاص فمن المناسب أن تبادر الجهات إلى تعريف منسوبيها ببعض ملامح هذه المعايير المتبعة لديها ,وأن تحاول وتسعى لتطويرها، وفق أفضل الدراسات المعتمدة في هذه المعايير. والله الموفق.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[12 Nov 2007, 06:40 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي د. أمين الشنقيطي.
وفعلا من الضروري التمييز بين الكتابات المعاصرة والكتابات السابقة، مع الانتباه إلى أن تقييم الكتابات المعاصرة لا يمكن فقط من خلال التحكيم العلمي الذي لا يمكن تطبيق معاييره إلا على البحوث الأكاديمية. أما الكتابات غير الأكاديمية، فتحتاج هي الأخرى إلى معايير، ولكن أقل دقة وصرامة.
أما إعادة استحداث قياس رقمي لرسم درجات الجرح والتعديل، فاسمح لي أن أخالفك في الحكم بعدم منطقيته، رغم إدراكي للمصاعب الذاتية والموضوعية التي يمكن مواجهتها في مثل هذا المشروع. غير أنه ليس مستحيلا. وأقولها من خلال معرفتي العلمية بتقنيات علوم الكمبيوتر وعلوم الإدارة التي تعرضت لنفس المواضيع التي يخوض فيها علم الجرح والتعديل، ولكن في سياقات أخرى (القرار الإداري في الشركات متعددة الجنسيات، في الشركات الكبرى، في المجال العسكري، ... ).
وأما على يقين تام (وأعني ما أقول) بأن توجه بعض الطلبة والأساتذة نحو هذا الموضوع، سيؤدي إلى ثورة جديدة نحو تصحيح الأحاديث، وما سينعكس من خلاله من تقليص هوة الخلاف في مجالات الفه والعقيدة. وإن كان القرن الثالث للهجرة قرن الفتوحات العلمية في تدوين الحديث وتقعيد قواعده، فإن المرور عبر الاستفادة من علوم الكمبيوتر والإدارة سيؤدي إلى ثورة جديدة تنهي (أو لنقل: تقلص إلى أدنى حد ممكن) حجم الاختلافات في هذه العلوم.
وما تذكره عن اختلاف الأوصاف وتفاوتها من مؤلف إلى مؤلف، فله حلوله من الناحية المنطقية والتقنية. ويمكن تخطي هذه العقبة.
ملخص رأيي: أعتبر أن علوم الحديث والفقه والعقيدة لا يمكن حل الخلافات فيها وقياس حجمها إلا من خلال استنباط مناهج جديدة تستفيد من علوم الكميوتر وعلوم الإدارة.
وسأعود لهذا الموضوع الذي يقض مضجعي منذ أكثر من خمس سنوات، بمزيد من التفاصيل، بإذن الله. وأزعم أنني توصلت إلى بدايات حلول لا أشك في صوابيتها ونجاعتها.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Nov 2007, 06:23 ص]ـ
أواصل طرح الأسئلة:
¥