ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Apr 2007, 10:21 م]ـ
الأخ الفاضل أبا العالية، قد كتبت في (المحرر في علوم القرآن) عن هذا الموضوع، وهذا هو بطوله، ولعله يفيدك إن شاء الله تعالى:
((لقد كان للسلف طريقتان في التعبير عن النُّزول:
الأولى: روايات تذكر كل السور، وتميز مكيها من مدنيها.
الثانية: روايات متفرقة تذكر المكي من المدني، ويكثر في هذه الروايات الإشارة إلى أماكن نزول الآيات.
وفي كلا الطريقتين لم يقع منهم نصٌّ مباشر على الزمان (قبل الهجرة، وبعد الهجرة).
بل كان الوارد عن بعض الصحابة التنبيه على معرفة المكان دون الزمان، كالوارد عن ابن مسعود قال: ((والذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه)) ()، وقد ورد هذا المعنى عن غيره من السلف.
أما الطريقة الأولى، فقد ورد فيه روايات عديدة عن بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم، ومنها - على سبيل المثال - ما رواه البيهقي (ت: 458) بسنده عن عكرمة (ت: 105)، والحسن البصري (ت: 110)؛ قالا: ((أنزل الله من القرآن بمكة اقرأ باسم ربك، ون، والمزمل، والمدثر، وتبت يدا أبي لهب، وإذا الشمس كورت، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، والفجر، والضحى، وألم نشرح، والعصر، والعاديات، والكوثر، وألهاكم التكاثر، وأرأيت، وقل يا أيها الكافرون، وأصحاب الفيل، والفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقل هو الله أحد، والنجم، وعبس، وإنا أنزلناه، والشمس وضحاها، والسماء ذات البروج، والتين والزيتون، ولإيلاف قريش، والقارعة، ولا أقسم بيوم القيامة، والهمزة، والمرسلات، وق، ولا أقسم بهذا البلد، والسماء والطارق، واقتربت الساعة، وص، والجن، ويس، والفرقان، والملائكة، وطه، والواقعة، وطسم، وطس، وطسم، وبني إسرائيل، والتاسعة، وهود، ويوسف، وأصحاب الحجر، والأنعام، والصافات، ولقمان، وسبأ، والزمر، وحم المؤمن، وحم الدخان، وحم السجدة، وحمعسق، وحم الزخرف، والجاثية، والأحقاف، والذاريات، والغاشية، وأصحاب الكهف، والنحل، ونوح، وإبراهيم، والأنبياء، والمؤمنون، وآلم السجدة، والطور، وتبارك، والحاقة، وسأل، وعَمَّ يتساءلون، والنازعات، وإذا السماء انشقت، وإذا السماء انفطرت، والروم، والعنكبوت.
وما نزل بالمدينة: ويل للمطففين، والبقرة، وآل عمران، والأنفال، والأحزاب، والمائدة، والممتحنة، والنساء، وإذا زلزلت، والحديد، ومحمد، والرعد، والرحمن، وهل أتى على الإنسان، والطلاق، ولم يكن، والحشر، وإذا جاء نصر الله، والنور، والحج، والمنافقون، والمجادلة، والحجرات، ويا أيها النبي لم تحرم، والصف، والجمعة، والتغابن، والفتح، وبراءة)) ().
قال البيهقي: ((والتاسعة يريد بها سورة يونس. قال: وقد سقط من هذه الرواية الفاتحة، والأعراف، وكهيعص فيما نزل بمكة)) ().
وأما الطريقة الثانية، ففيها روايات عديدة، منها ما رواه البخاري، قال: حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب ((أن أناسا من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.
فقال عمر: أية آية؟
فقالوا: ?اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا?] المائدة: 3 [. فقال عمر: إني لأعلم أي مكان أنزلت؛ أنزلت ورسول الله ? واقف بعرفة)) ().
فهذه الروايات وغيرها تدل على أنَّ السلف كانوا يُعنون بذكر المكان الذي نزلت فيه السورة أو الآية، لكن لا يعني هذا أنهم كانوا يُغفلون الزمان الذي ضبطه بعض أتباع التابعين بضابط الهجرة، فما كان قبل الهجرة فهو مكي، وما كان بعد الهجرة فهو مدني، فهذا الضابط، وإن لم ينصوا عليه إلا أنهم يعملون بفحواه، فهل يُتصوَّر أن يكون نزول آية إكمال الدين في مكة قبل الهجرة؟
¥