تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أنه قد اختلف العلماء في ذلك على عدة أقوال أهمها (13):

1 - أنه سأل عن كيفية الإحياء، ليزداد بذلك إيماناً ويقيناً، ويترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، وذلك عندما يرى كيفية الإحياء، ولم يكن بذلك شاكاً في القدرة، ولا جاهلاً بمعنى الإحياء. وعلى هذا القول جمهور أهل العلم (14).

ويكون معنى قوله: (ليطمئن قلبي): ليزداد إيماناً مع إيمانه، ويقيناً مع يقينه.

2 - أنه عندما بُشّر بأن الله عز وجل قد اتخذه خليلاً؛ سأل ربه هذا السؤال، لتكون إجابة دعائه وإحياء الموتى بسؤاله دليلاً وعلامة على خلته، وعظيم منزلته عند الله تعالى، وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى: (ليطمئن قلبي): أي: بالخلة وعلو المنزلة (15).

وإلى هذا القول ذهب الطحاوي (16)، وهو مروي عن السدي (17)، وسعيد بن جبير (18)، وعبد الله بن المبارك (19).

3 - أن سبب سؤاله عليه السلام: المناظرة والمحاجة التي جرت بينه وبين النمرود، فطلب إبراهيم عليه السلام من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى؛ ليتضح استدلاله عياناً بعد أن كان بياناً (20).

الشبهات التي أوردها المؤلف:

الشبهة الأولى: أن في هذا الحديث اتهام للنبيين الكريمين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام بالشك:

ركّب الكردي هذه الشبهة من مجموع مقدمات فاسدة وهي: أن الحديث يثبت الشك لإبراهيم، والشك المقصود في الحديث هو الشَّكُّ بوعد الله بالبعث أو بقدرته تعالى على إحياء الموتى، ثم زعم أن تسمية ما ورد في الآية شكاً لا يمكن أن يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ هو جهل بمعنى الآية.

الجواب عن هذه الشبهة:

قد سبق بيان معنى الآية، وأنه ليس المراد من السؤال في الآية الشك في القدرة، بل لم يكن السؤال عن القدرة وإنما كان عن الكيفية.

ولكن ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " نحن أحق بالشك من إبراهيم ". ولماذا أورد صلى الله عليه وسلم الآية بعد هذا الكلام؟.

والجواب: أن العلماء رحمهم الله قد بينوا معنى هذا الحديث بل وعدوه من فضائل إبراهيم عليه السلام (21).

وقالوا المراد من الحديث: تنزيه إبراهيم عليه السلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن الشك في قدرة الله على إحياء الموتى، والقطع بعدم دلالة الحديث على ذلك، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم. ولكنهم اختلفوا في معنى الحديث على عدة أقوال أقواها:

القول الأول: أن المراد بهذا الحديث نفي الشك عن إبراهيم عليه السلام، فكأنه صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم عليه السلام لم يشك، ولو كان الشك متطرقاً إليه لكنا نحن أحق بالشك منه، فإذا كنا نحن لم نشك في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فإبراهيم عليه السلام من باب أولى ألا يشك. قال ذلك صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع وهضم النفس.

وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء كابن قتيبة (22)، والطحاوي (23)، والخطابي (24)، والحميدي (25)، وابن عطية (26)، وابن حزم (27)، والقاضي عياض (28)، وابن الجوزي (29)، والنووي (30)، وصفي الرحمن المباركفوري (31)، وابن عثيمين (32)، وغيرهم (33).

قال الخطابي: " مذهب الحديث التواضع والهضم من النفس، وليس في قوله: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)؛ اعتراف بالشك على نفسه، ولا على إبراهيم عليه السلام، لكن فيه نفي الشك عن كل واحد منهما" (34).

وقال ابن الجوزي: " مخرج هذا الحديث مخرج التواضع وكسر النفس" (35).

القول الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمّى التفاوت بين الإيمان والاطمئنان شكاً، فأطلق على ما دون طمأنينة القلب التي طلبها إبراهيم عليه السلام اسمَ الشك، وإلا فإبراهيم كان مؤمناً موقناً، ليس عنده شك يقدح في يقينه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم عبّر عن هذا المعنى بهذه العبارة.

وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية (36) وابن القيم (37).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ومعلوم أن إبراهيم كان مؤمناً كما أخبر الله عنه بقوله: (أولم تؤمن قال بلى) ولكن طلب طمأنينة قلبه كما قال: (ولكن ليطمئن قلبي) فالتفاوت بين الإيمان والاطمئنان سماه النبي صلى الله عليه وسلم شكاً لذلك بإحياء الموتى" (38).

الشبهة الثانية: أن في الحديث انتقاصاً من قدر لوط عليه السلام:

وهنا يزعم الكردي أن هذا الحديث يدل على أن لوطاً عليه السلام " كان يجهل أن الله تعالى ركنه ومأواه".

الجواب عن هذه الشبهة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير