تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الأوزاعي رحمه الله: سئل الزهري ومكحول عن آيات الصفات، فقالا: أمروها كما جاءت، وقال الوليد بن مسلم رحمه الله: سئل مالك والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان الثوري رحمهم الله عن الأخبار الواردة في الصفات، فقالوا جميعا: أمروها كما جاءت بلا كيف، وقال الأوزاعي رحمه الله: كنا- والتابعون متوافرون- نقول إن الله سبحانه على عرشه، ونؤمن بما ورد في السنة من الصفات، ولما سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رحمة الله عليهما عن الاستواء قال: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق)، ولما سئل الإمام مالك رحمه الله عن ذلك، قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)، ثم قال للسائل: ما أراك إلا رجل سوء، وأمر به فأخرج، وروي هذا المعنى عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وقال الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه: (نعرف ربنا سبحانه بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه)، وكلام الأئمة في هذا الباب كثير جدا لا يمكن نقله في هذه المحاضرة، ومن أراد الوقوف على كثير من ذلك فليراجع ما كتبه علماء السنة في هذا الباب مثل كتاب (السنة) لعبد الله بن الإمام أحمد، و (التوحيد) للإمام الجليل محمد ابن خزيمة، وكتاب (السنة) لأبي القاسم اللالكائي الطبري، وكتاب (السنة) لأبي بكر بن أبي عاصم، وجواب شيخ الإسلام ابن تيمية لأهل حماة، وهو جواب عظيم كثير الفائدة قد أوضح فيه رحمه الله عقيدة أهل السنة، ونقل فيه الكثير من كلامهم والأدلة الشرعية والعقلية على صحة ما قاله أهل السنة، وبطلان ما قاله خصومهم، وهكذا رسالته الموسومة بـ (التدمرية) قد بسط فيها المقام وبين فيها عقيدة أهل السنة بأدلتها النقلية والعقلية، والرد على المخالفين بما يظهر الحق، ويدفع الباطل لكل من نظر في ذلك من أهل العلم، بقصد صالح ورغبة في معرفة الحق، وكل من خالف أهل السنة فيما اعتقدوا في باب الأسماء والصفات فإنه يقع ولا بد في مخالفة الأدلة النقلية والعقلية مع التناقض الواضح في كل ما يثبته وينفيه.

أما أهل السنة والجماعة فأثبتوا لله سبحانه ما أثبته لنفسه في كتابه الكريم، أو أثبته له رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في سنته، إثباتا بلا تمثيل، ونزهوه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل ففازوا بالسلامة من التناقض، وعملوا بالأدلة كلها، وهذه سنة الله سبحانه فيمن تمسك بالحق الذي بعث به رسله، وبذل وسعه في ذلك وأخلص لله في طلبه، أن يوفقه للحق ويظهر حجته، كما قال تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وقال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا

وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره المشهور عند كلامه على قول الله عز وجل: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الآية، كلاما حسنا في هذا الباب يحسن نقله ها هنا لعظم فائدته، قال رحمه الله ما نصه: (للناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى) انتهى كلام ابن كثير رحمه الله.

ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[02 Aug 2003, 08:13 م]ـ

قال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين

رحمه الله تعالى

: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) (الفجر:22).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير