تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال أهل السنة و الجماعة: جاء ربك أي هو نفسه يجيء - سبحانه و تعالى -، لكنه مجيء يليق بجلاله و عظمته لا يشبه مجيء المخلوقين، و لا يمكن أن نكيفه، و علينا أن نضيف الفعل إلى الله كما أضافه الله إلى نفسه. فنقول: إن الله تعالى يجيء يوم القيامة مجيئاً حقيقياً يجيء هو نفسه، و قال أهل التحريف معناه: و جاء أمر ربك.و هذا جناية على النص من وجهين:

الوجه الأول: نفي ظاهره فأين لهم العلم من أن الله تعالى لم يرد ظاهره هل عندهم علم من أن الله لم يرد ظاهره ما أضافه لنفسه؟! والله تعالى يقول عن القرآن إنه نزله بلسان عربي مبين فعلينا أن نأخذ بدلالة هذا اللفظ حسب مقتضى هذا اللسان العربي المبين. فمن أين لنا أن يكون الله تعالى لم يرد ظاهر اللفظ؟! فالقول بنفي ظاهر النص قول على الله بغير علم.

الوجه الثاني: إثبات معنى لم يدل إلى ظاهر اللفظ، فهل عنده علم أن الله تعالى أراد المعنى الذي صرف ظاهر اللفظ إليه؟! هل عنده علم أن الله أراد مجيء أمره؟! قد يكون المراد جاء شيء آخر ينسب إلى الله غير الأمر. فإذا كل محرف أي كل من صرف الكلام عن ظاهره بدون دليل من الشرع فإنه قائل على الله بغير علم من وجهين:

الأول: نفيه ظاهر الكلام.

الثاني: إثباته خلاف ذلك الظاهر.

لهذا كان أهل السنة والجماعة يتبرأون من التحريف، ويرون أنه جناية على النصوص، وأنه لايمكن أن يخاطبنا الله تعالى بشيء ويريد خلاف ظاهره بدون أن يبين لنا، وقد أنزل الله الكتاب تبياناً لكل شيء والنبي، صلى الله عليه و سلم، بين للناس ما أنزل إليهم من ربهم بإذن ربهم. أما التمثيل فمن الواضح أن القول به تكذيب للقرآن، لأن الله تعالى يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى: من الآية11). ولهذا كان عقيدة أهل السنة والجماعة، بل طريقة أهل السنة والجماعة في نصوص الصفات من الآيات، والأحاديث، وهو إثباتها على حقيقتها وظاهرها اللائق بالله، بدون تحريف وبدون تعطيل، وقد حكى إجماع أهل السنة على ذلك ابن عبد البر في كتابه (التمهيد) و نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – و كذلك نقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: (أجمع أهل السنة على تحريم التشاغل بتأويل آيات النصوص و أحاديثها، و أن الواجب إبقاؤها على ظاهرها).

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير