ـ[صالح صواب]ــــــــ[30 Nov 2007, 02:01 م]ـ
جزى الله الأخ أبا بيان خير الجزاء، ونفع الله به
وأرى أن هذا الموضوع بحاجة إلى مزيد نقاش ...
والكاتب في هذا المقال خلط بين التكلف في القول بإعجاز القرآن وبين الحق الواضح في ذلك.
وقد صور الإعجاز العلمي من وجه واحد، ولم يتعرض للأوجه الأخرى، حتى إن القارئ للموضوع يلمس أن القول بالإعجاز العلمي قول غير صحيح، وأنه لا ينبغي السير في ذلك.
والأمر بحاجة إلى تفصيل وتمييز، فهناك ما هو حق موافق، وهناك ما هو باطل، وخير وسيلة لذلك السير في هذا الاتجاه وفق ضوابط علمية واضحة، فالقرآن معجزة .. وتلمس الإعجاز وتتبعه والتصديق به ليس مجرد راحة للبال، بل هي حقائق، وليس صحيحا أن الناس يأخذون كل شيء ويقبلون كل شيء حتى وإن لم يكن له أصل كما ذكر الكاتب في مقاله.
ومع ذلك فليس هناك مانع من نقد المكتلفين المبالغين في هذا الأمر ... ولكن بإحقاق الحق وإبطال الباطل ...
وقد وضع العلماء ضوابط للإعجاز العلمي، فإذا كان الإعجاز وفق هذه الضوابط فأهلا به وسهلا، وإن لم يقم عليه دليل فلا نأخذ به حتى يصح ويستقيم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Dec 2007, 08:30 ص]ـ
أخي الناقد القدير صالح صواب ـ ألهمني الله وإياك الصواب ـ حياك الله وبياك (تمرون الديار ولم تعوجوا .... )
اخي الكريم:
ألا ترى أن من أسباب الخلل الكبير في موضوع الإعجاز العلمي أن البحث فيه خرج عن أهل الاختصاص، فلم يقعدوا له، ولم يضبطوه بالضوابط الصحيحة، فكتب فيه كل من هب ودب، حتى صار الفلكي مفسرًا، والطبيب مفسرًا، والمهندس مفسرًا ... إلخ، وآخر من يتكلم في هذا الموضوع الذي هو من فروع علوم القرآن هم أهل الاختصاص؟!
إنني أرى لزامًا عليَّ وعليك وعلى كل متخصص في علوم القرآن أن نتولى دفة هذه الأمور حتى لا تخرج عن المسار الصحيح.
وأحب أن أطرح أسئلة للبحث عنها:
أولاً: هل وردت إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم لاعتماد ما عند غيره من العلوم؟
فالرسول صلى الله عليه وسلم بُعث بين حضارات قائمة، فهل وقع أنه ألمح إلى الاستفادة منها في فهم كلام ربه أو في فهم كلامه؟
لاشكَّ أنه ليس كل ما في هذه الحضارات كان باطلاً على الإطلاق، بل كان فيها خيرٌ، وفيها باطل كثيرٌ.
ثم هل ورد أن الصحابة ومن بعدهم من علماء الامة المعتبرين اعتمدوا على علوم غيرهم لفهم كلام الله تعالى؟!
لقد وقع في نفسي هذا السؤال، ولا زلت أفكر فيه.
ثانيًا: إن أصول مصادر التفسير ثلاثة: القرآن، والسنة (ويدخل فيها أسباب النزول)، واللغة. وهذه الأصول هي التي اعتمدها الصحابة والتابعون وأتباعهم ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ، ومن خلال هذه الأصول أعملوا اجتهادهم وظهرت آراؤهم في فهم معاني كلام الله تعالى، وكان من أبرز ما يولونه عناية أثناء تفسيرهم (السياق القرآني)، فلا تكاد تجد لهم قولاً ـ مع اختلافهم ـ ينبو عن السياق، إلا أن يكون من قبيل الاستنباط، إذ حاله أوسع من التفسير.
وإذا كانت هذه هي المصادر المعتمدة، فإن أي مصدر آخر يجب أن يُعرض عليها أولاً، ثم على القواعد المستنبطة من خلال هذه المصادر ثانيًا.
لذا فإن (الإسرائيليات) لا تُقبل إذا خالفت أحد هذه المصادر الثلاثة، والإسرائيليات مصدر خارج هذه المصادر الثلاثة، وليست هي من علوم المسلمين، وإن شاركتها في أصلها الصحيح في كونها وحيًا من الله، فما بقي منها صحيحًا فلن يخالف القرآن إلا إذا كان في بعض أمور التشريع كما هو معلوم.
ثالثًا: لا يقع هناك خلاف أن (العلوم التجريبية) من نتاج الفكر البشري المحض، ولم ينطلق فيه الباحثون من خلال كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يترتب عليه أمران:
الاول: أنه لايلزم أن تكون كل قضية في هذه البحوث مذكورة في القرآن، ولا حتى في السنة كذلك، وهذا أمر بدهي لا خلاف فيه.
الثاني: أن ما يصح ربطه مما يصح من واقع هذه البحوث التجريبية قليل جدًا جدًا، وليس كما تصوره لنا كتب الإعجاز العلمي التي بعجت الأمر، وأدخلت كثيرًا من الآيات في مسمى الإعجاز العلمي، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك.
وإذا تأملت هذا الملحظ، واستحضرت طريقة الفيلسوف ابن رشد الحفيد في كتابه (فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال)، فإنه سيظهر لك أنه لا يمكن أن يتم التوفيق بين الجهد البشري القائم على العلم التجريبي وبين كلام الله إلا بتأويل ألفاظ القرآن لتوافق المنتج البشري، وهذا ما يقع في بعض بحوث الإعجاز العلمي، ولعله لا يخفاك ما وقع في مؤتمر الإعجاز العلمي الذي حضرناه حتى صار قوله تعالى (إعصار فيه نار) المقصود به القنبلة الذرية فحسب.
وإذا كنت توافقني في أن بعض بحوث الإعجاز العلمي يقع فيها هذا، فمن المسؤول عن رد هذا التحريف عن كتاب الله تعالى؟!
إنني إدعو إلى مؤتمر لتصحيح المسار في هذه النازلة الحادثة، وأن لا يترك الأمر على غاربه، وأنت تعلم وترى اليوم أن أعداء الدين صاروا يدخلون في الطعن فيه من باب التأويلات الحداثية، والقراءات المعاصرة، فهم لن يستطيعوا تحريف النص، ولكنهم يرون أن طريقهم هو تحريف مدلول النص، وما الصحف وما يكتب فيها منك ببعيد.
إن من منَّ الله عليه بالتخصص في هذا العلم، فإن عليه ـ لزامًا ـ أن ينبري لصدِّ وذبِّ كل تحريف عن كتاب الله.
¥