(1) ـ سياق كلامه كان في أثر التفسير الموضوعي في بيان الفقه حيث قال: (بأن الاتجاه الموضوعي خطى بالفقه خطوات نحو التقدم و تطوير الفكر الفقهي، و إثراء الدراسات العلمية في هذا المجال). والسؤال أين تلك الخطى وفي أي كتب التفسير الموضوعي؟، خصوصاً إذا كنا نعد كتب أحكام القرآن كلها كتب تفسير تجزيئي على اصطلاح المؤلف فهي تفسير القرآن بحسب ترتيبه.
(2) ـ كيف كانت إعاقة الفكر الإسلامي في عهد تلك الكتب وكثير من مؤلفيها هم رموز الحضارة الإسلامية فكراً وعلماً وإبداعاً، وكتب الطبقات شاهدة على ذلك.
(3) ـ ما المكاسب الحقيقة الجديدة التي خلت منها تلك القرون وساعد التفسير الموضوعي على اكتسابها.
والمأخذ على هذه العبارات هو تلك النبرة العالية في تفخيم التفسير الومضوعي على حساب التفسير التحليلي ـ الذي هو عمل غالب المفسرين ـ وكأنه المخرج من كل مصائب الأمة وأزماتها.
هـ ـ (أولا لأن المفسر التجزيئي دوره على الأغلب سلبي؛ فهو يبدأ أولا بتناول النص القرآني المحدد آية مثلا، أو مقطعا قرآنيا دون أي افتراضات أو طروحات مسبقة ... فهو ذو دور سلبي و القرآن ذو دور إيجابي).
و ـ (يطرح بين يدي النص موضوعا جاهزا مشربا بعدد كبير من الأفكار و المواقف البشرية؛ و يبدأ مع النص القرآني حوارا سؤال و جواب، المفسر يسأل و القرآن يجيب على ضوء الحصيلة التي استطاع أن يجمعها من خلال التجارب البشرية الناقصة ... فيجلس بين يدي القرآن الكريم، لا يجلس ساكتا ليستمع فقط بل يجلس محاورا، يجلس سائلا و مستفهما و متدبرا؛فيبدأ مع النص القرآني حوارا حول هذا الموضوع).
ز ـ (فهنا يلتحم القرآن بالواقع -في التفسير الموضوعي- يلتحم القرآن مع الحياة؛ لأن التفسير يبدأ من الواقع و ينتهي إلى القرآن، لا أنه يبدأ من القرآن و ينتهي بالقرآن -كما في الاتجاه التجزيئي -؛ فتكون عملية منعزلة عن الواقع منفصلة عن تراث التجربة البشرية، بل هذه العملية تبدأ من الواقع و تنتهي بالقرآن، بوصفه القيم و المصدر الذي يحدد على ضوئه الاتجاهات الربانية بالنسبة إلى ذلك الواقع).
ومثل هذه العبارات فلسلفية أكثر من كونها علمية.
والله أعلم ..
10/ 10/1429هـ
ـ[النجدية]ــــــــ[10 Oct 2008, 11:01 ص]ـ
بسم الله ...
الأساتذة الأفاضل،
أشكركم جزيل الشكر على مروركم الكريم!!
وإنني -بصراحة- ترددت كثيرا في إعادة هذا الموضوع لصفحات الملتقى الرئيسة ...
ولكني -الآن- أحمد الله تعالى أن يسر لي، وأكرمني بهذه المشاركات والملاحظات، التي علمتني أساليبا من النقد الدقيق؛ الناشئ عن تفكر عميق ...
فأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم يوم الحساب!
وإلى الأخ الفاضل محمد فال:
الكتاب لم أعرف له رابطا على الشبكة الإلكترونية؛ وإنما صورت نسختي منه تصويرا؛ لذلك ناشدت من يقتنيه على جهازه أن يعرضه؛ للتحميل!
ولكن ما من مجيب ...
والله المستعان!
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[10 Oct 2008, 05:14 م]ـ
بعد الإذن من الأخ الكريم فهد اقول:
لا نستطيع تسمية تفسير المفسرين القدماء بأنه تحليلي، لأنه يقوم بتفسير معاني الألفاظ
من غير مراعاة الربط مع السياق والخروج بمعاني مستنبطة من النص.
تفسير آيات الأحكام هو من قبيل التفسير الموضوعي والتحليلي.
قلة من المفسرين درجت على تفسير القرآن بالقرآن، ومعلوم أن ابن كثير هو من أشهر
من فعل ذلك.
علينا أن نعترف بأن المفسرين القدماء - في معظمهم- قد كرروا أقوال بعضهم البعض،
والمبدعين منهم قلة. فالبقاعي مثلاً تميّز في الربط بين الآيات، وبين فواتح السور
وخواتيمها، وبين السور. واستفاد كثيراً من الحرالي.
تشخيص المشكلة لا يعني الحط من منزلة المفسرين الكرام، ويبقى لهم السبق، بل لا
يمكننا أن نبدع حتى نستند إلى جهدهم المبارك. وكأني بهم يفخرون بمن يستدرك
عليهم ويكمل مسيرتهم. ومن هنا لا داعي للتحسس.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 Oct 2008, 06:16 م]ـ
ما ذكره الشيخ فهد في النقطة الثالثة هو في نظري أهم ما يؤخذ على المؤلف في هذا الكتاب.
فتعظيم أمر التفسير الموضوعي -بالطريقة التي يريدها لمؤلف- على حساب التجزيئي يعطي مجالا واسعا لمن أراد الخروج بتفسير مخالف لما فسره سلف الأمة.
وأقصد بالمخالفة: المناقضة لأقوالهم برأي لا يعتمد إلا على العقل والهوى أو على نصوص موضوعة لا يعتد بها عند المحققين.
ولذا فإن التفسير الموضوعي كما يريده المؤلف يكون سلاحا ذو حدين بحسب من يستخدمه.
ـ[النجدية]ــــــــ[11 Oct 2008, 11:59 ص]ـ
لا نستطيع تسمية تفسير المفسرين القدماء بأنه تحليلي، لأنه يقوم بتفسير معاني الألفاظ
من غير مراعاة الربط مع السياق، والخروج بمعاني مستنبطة من النص.
.
بسم الله ...
أستميحكم عذرا في إيراد هذا التعليق -مع أنه ليس مثلي من له الحق بالتعليق على ما تفضلتم به- جزاكم الرحمن خيرا، وأكرمكم:
إن المفسرين الأوائل؛ منذ زمن شيخ المفسرين الإمام الطبري مرورا بالإمام الزمخشري، والرازي، وأبي السعود العمادي والآلوسي ... -رحمهم الله رحمة واسعة-
كانوا آخذين بعين الاعتبار ارتباط السياق القرآني بنظم الألفاظ القرآنية، وهذا أدركته جليا من خلال دراستي؛ وتتبع عنايتهم بالسياق في تفاسيرهم.
فكيف لنا أن نقول هذا في حق أئمتنا الأفاضل -رحمهم الله وغفر لهم-؟
فأرجو التنبيه إن جانبت الصواب!
وفيما يلي كلام طيب للإمام الغماري -رحمه الله- قرأته أمس؛ وآثرت أن أنقله بتمامه؛ للإفادة، يقول:
" يجب على المتصدي لتفسير القرآن الكريم أن يتجرد من الآراء المذهبية، ويوطن نفسه على تقبل ما تفيده الآية، وتدل عليه، ويرجع عما كان يراه أو يعتقده بخلافها؛ لأن القرآن حجة الله على خلقه، وعهده إلى عباده، إليه يتحاكمون، وعن حكمه يصدرون، ولا يجوز له أن يتمحل في تأويل الآية، ويتطلب الوجوه البعيدة في الإعراب، أو يحملها على المعاني التي لا تتفق مع سياقها؛ أو سبب نزولها؛ لفيد رأي فلان، أو عقيدة فلان، فإن هذا تحريف لكلام الله تعالى، وتغيير لمعانيه، وهو منشأ بدع التفاسير ... "
**الغماري، عبد الله محمد الصديق؛ بدع التفاسير (1385ه) ط1، مكتبة القاهرة، مصر. ص11.
والله الموفق ...
¥