تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قد يصعب الحديث عن الإحصاء في هذه المرحلة من تاريخ هذا العلم، وقد بلغ بها الأستاذ خالد بن عثمان السبت (20) إلى ثمانين وثلاث مئة قاعدة أصلية وتبعية، كلية وجزئية، كبيرة وصغيرة، استمدها من خمسة وعشرين ومئتي كتاب. وصنفها على طريقة التبويب كالأبواب الفقهية. وهذا نوع من التصنيف. وقد بذل الباحث في هذا العمل النفيس جهودا مشكورة يستحق عليها التنويه، لما قدمه من خدمة جليلة للباحثين في هذا المجال. وهناك نوع أعم من ذلك التصنيف، حيث تصنف القواعد إلى:

قواعد لغوية فنقلية فعقلية. وممن نهج هذا النهج الدكتور محسن عبد الحميد في كتابه:"درسات في أصول تفسير القرآن" وقد احتلت الأصول اللغوية ما يقرب من ثلثي الكتاب، ثم إنه أدخل ضمن الأصول العقلية ما يتعلق بالتفسير العلمي. ولعل مصطلح الأصول ينسجم مع هذا التصنيف العام أكثر من مصطلح القواعد. كما أنه ييسر إمكانية تصور التوحد والانسجام في هذا العلم. وفي ما يلي ملامح من هذه القواعد:

1 - القواعد اللغوية:

ويكاد يكون مرجعها بالكلية إلى أصول الفقه وخاصة في مباحث دلالة الألفاظ. وهذا الأمر ظاهر في كتاب د. محسن عبد الحميد سواء على مستوى المصطلحات المستعملة أو المصادر المعتمدة. فوضع تحت فصل "وضع اللفظ للمعنى" مباحث العام والخاص، والأمر والنهي، والمطلق والمقيد، والمشترك، والمؤول، ثم تحت فصل "استعمال اللفظ في المعنى" مباحث الحقيقة والمجاز والصريح والكناية وحروف المعاني، ثم تحت فصل "في ظهور المعنى وخفائه" مباحث الظاهر والنص والمحكم غيرها ثم تحت فصل "في كيفية دلالة اللفظ على المعنى" مباحث عبارة النص وإشارة النص… والموافقة والمخالفة وغيرها.

والواقع أن نقل هذه المباحث باصطلاحاتها جملة وتفصيلا إلى علم التفسير ينبغي أن يضع في الاعتبار طبيعة نشأتها في علم أصول الفقه، وطبيعة النصوص التي طبقت عليها، وهي نصوص الأحكام من القرآن والسنة. وموضوع التفسير هو نصوص القرآن بأجمعها، وبهذا الاعتبار تحفظ بعض المفكرين –أمثال الشيخ الغزالي رحمه الله تعالى- في نقل المنهج الأصولي ليصبح منهجا للتعامل مع النص القرآني في المجالات والمحاور كلها، يقول: "فهذا غير صحيح وغير دقيق؛ فلكل مجال آلات لفهمه". وقال أيضا: "فالقول بأن منهج دراسة الأحكام يُنقل ليصبح منهجا لدراسة الأخلاق ودراسة التربية فهذا غير صحيح؛ لأن كل منهج له ضوابط، ولكل مقصد طبيعته وخصائصه .. وهذا يعني أني أبحث في الأحكام عن الكلمة: هل هي عامة؟ هل هي خاصة؟ هل هي مطلقة؟ هل هي مقيدة .. وهكذا؛ لكن عندما أدرس الأخلاق مثلا، أو التربية، أو قصص الأمم، أو الكونيات وما يتصل بها، فما علاقة ذلك بهذا المنهج؟ ولماذا يفرض على بقية المحاور القرآنية التي لها طبيعتها ومقاصدها وأدواتها ومناهجها؟ .. لا يمكن أن يقبل هذا .. تقول الإحصائيات: إن كتب الفقه تشكل نصف الثقافة الإسلامية" (21).

والواقع أن الذين يرجعون إلى أصول الفقه للاستمداد منه في قواعد التفسير لا يعممون مباحثه على كل نصوص التفسير بل يرون فيها، وخاصة مباحث الدلالة مرجعا ناضجا لتحقيق ألفاظ القرآن الكريم إذ هي وعاء معانيه حتى في غير الأحكام. ومع ذلك لا ينبغي أن يكون هذا عائقا أمام أي أداة أو مبحث مفيد في البيان والتحليل والتعليل والتركيب.

2 - القواعد النقلية:

ويذكر فيها تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة ثم بأقوال الصحابة والتابعين. وتفسير القرآن بالقرآن أنواع، فقولهم "إن أصح الطرق تفسير القرآن بالقرآن" عنوان لقاعدة ضخمة تحتاج إلى جهود كبيرة على مستوى الجمع أولاً، ثم على مستوى التكميل ثانيا. وفي بيان تلك الطريقة يقول ابن تيمية بأن "ما أجمل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر" (22).وهذه العبارة تحتاج إلى تأمل، فإن المرور من المجمل إلى المفسر ومن المختصر إلى المبسوط المفصل وغير ذلك من وجوه العلاقة التفسيرية بين الألفاظ والآيات، عمليةٌ جليلة تستلزم ما تستلزم من الشروط والمراحل والأدوات. وبهذا المعنى يتقاطع هذا النوع من التفسير مع التفسير العقلي الاجتهادي ومع التفسير اللغوي، لما يتطلبه من قدح الفكر في نسج تلك العلاقات وحمل الكلام بعضه على بعض. وقد أصاب من قال: "لا يُقطع بصحته إلا إن كان الذي فَسَّرَ الآية بالآية رسولُ الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير