تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و"الرعد" و"الحِجْر" و"الكهف" ... ومعظم هذه السور قد نزل فى مكة، أى قبل أن يكون هناك على حد زعم الزاعمين كتابٌ مكتوب ينص على حق علىٍّ وذريته فى خلافة النبى على حكم المسلمين إلى الأبد لأن الشيعة يقولون إن ذلك الكتاب إنما كُتِب فى المدينة. كما أن الكتاب المزعوم لا تصدق معه كلمة "آيات" التى وردت فى عدد من افتتاحيات السور المذكورة لأنه لا يشتمل على آيات بل على شروط وبنود.

على أية حال تعالَوْا نقرأ معا مفتتح سورة "البقرة" لنرى ماذا فيه. يقول المولى سبحانه: "الم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". هذا ما تقوله افتتاحية "البقرة"، فكيف يا ترى يجرؤ زاعم على الادعاء بأن أولئك الصحابة الكرام لا يندرجون، بل لا يأتون على رأس من يندرجون، تحت هذه الصفات: صفات الإيمان بالغيب والإيمان بما نُزِّل على محمد وعلى إخوانه الأنبياء من قبل وإقامة الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله والإيقان بالآخرة؟ وإن لم يندرج هؤلاء، فمن يا ترى يمكن أن ينجو ويدخل الجنة؟ ثم لقد وُسِم المنافقون فى آياتنا هذه بأنهم "إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ"، فمتى قال هؤلاء الصحابة الشرفاء النبلاء ذلك؟ ولمن قالوه يا ترى؟ وكيف سكت المسلمون جميعا بما فيهم علىّ فلم يشنّعوا عليهم ويفضحوهم؟ وكيف رضى على بتزويج عمر ابنته أم كلثوم؟ أكان خوّافًا إلى هذا الحد فكان يتبع معهم أسلوب التقية؟ إنه إذن ليس عليًّا البطل الشجاع الجسور المقدام الذى نعرفه. بل كيف سكت النبى عليه السلام فلم يتصرف بمقتضى هذه الآية؟ أم تراه كان يخافهم ويتخذ معهم هو أيضا حيلة التقية؟ ألا إن ذلك لمما تضجّ منه العقول والضمائر والنفوس! بل كيف سكت القرآن فلم يضع نهاية حاسمة لتلك المهزلة، مهزلة أن كل من حول النبى منافقون كافرون، اللهم إلا عليا كرم الله وجهه ونفرا ضئيلا من الصحابة الكرام ممن وقفوا بعد ذلك إلى جانبه؟

ويستمر الفيض الكاشانى على سنته الشريرة فى الطعن على الخلفاء الثلاثة الكرام بكل سبيل. ومن هذا تفسيره لقوله تعالى فى الآية رقم 40 من سورة "التوبة" عن الغار الذى لجأ إليه النبى والصديق أثناء هجرتهما إلى المدينة: "إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) "، إذ يقول فى هذا التفسير: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ}، وهو أبو بكر: {لاَ تَحْزَنْ}، لا تخف، {إِنَّ ?للَّهَ مَعَنَا} بالعصمة والمعونة. فى الكافى عن الباقر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول لأبى بكر فى الغار: "اسكن، فإن الله معنا". وقد أخذته الرعدة وهو لا يسكن. فلما رأى رسول الله حاله قال له: تريد أن أريك أصحابى من الأنصار فى مجالسهم يتحدثون؟ وأريك جعفر وأصحابه فى البحر يغوصون؟ قال: نعم. فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على وجهه فنظر إلى الأنصار يتحدثون، وإلى جعفر وأصحابه فى البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه ساحر، {فَأَنزَلَ ?للَّهُ سَكِينَتَهُ} أَمَنَتَه التى تسكن إليها القلوب {عَلَيْهِ}. فى الكافى عن الرضا أنه قرأها: "على رسوله". قيل له: هكذا؟ قال: هكذا نقرؤها، وهكذا تنزيلها. والعياشى عنه: إنهم يحتجون علينا بقوله تعالى: {ثَانِيَ ?ثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ?لْغَارِ}، وما لهم فى ذلك من حُجَّة، فوالله لقد قال الله: "فأنزل الله سكينته على رسوله" وما ذكره فيها بخير. قيل: هكذا تقرأونها؟ قال: هكذا قراءتها".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير