تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كونهما فيه، وقوله: {إذ يقول لصاحبه} لا مدح فيه أيضا، لأن تسمية "الصاحب" لا تفيد فضيلة. ألا ترى أن الله تعالى قال في صفة المؤمن والكافر: {قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك}؟ وقد يسمون البهيمة بأنها صاحب الانسان كقول الشاعر: "وصاحبي بازلٌ شمول". وقد يقول الرجل المسلم لغيره: "أُرْسِلُ اليك صاحبي اليهودي"، ولا يدل ذلك على الفضل. وقوله: {لا تحزن} إن لم يكن ذمًّا فليس بمدح، بل هو نهي محض عن الخوف. وقوله: {إن الله معنا} قيل إن المراد به النبي صلى الله عليه وآله. ولو أريد به أبو بكر معه لم يكن فيه فضيلة، لأنه يحتمل أن يكون ذلك على وجه التهديد، كما يقول القائل لغيره إذا رآه يفعل القبيح: "لا تفعل. إن الله معنا"، يريد أنه متطلع علينا، عالم بحالنا. والسكينة قد بيَّنّا أنها نزلت على النبي صلى الله عليه وآله بما بيناه من أن التأييد بجنود الملائكة كان يختص بالنبي صلى الله عليه وآله. فأين موضع الفضلية للرجل لولا العناد؟ ولم نذكر هذا للطعن على أبي بكر، بل بينا أن الاستدلال بالآية على الفضل غير صحيح".

وفى تفسير القمى أنه، بعد أن أرى الرسول أبا بكر ما أراه وقال هذا فى نفسه ما قال، نسمعه صلى الله عليه وسلم يقول له: "وأنت الصديق"، وهو ما لا أفهم له معنى، إلا أن تكون الجملة استفهامية إنكارية، بمعنى: "أتقول هذا وأنت المسمَّى بـ"الصدّيق"؟ كأنه عليه السلام ينكر صِدِّيقيّته ويتهكم بها. أعوذ بالله، وإلا فلماذا ظل عليه السلام يقرّبه إليه ويكرمه ويستشيره؟ بل لماذا أتم زواجه من ابنته ما دام قد اتضح له أنه ليس أهلا لتلك المصاهرة؟ ثم يضيف القمى بأن كلمة الله العليا فى قوله عز شأنه عند نهاية الآية: "وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمةُ الله هى العليا" هى قول رسول الله وآله. والمغزى واضح، وهو أن كلمة أبى بكر فى المقابل هى الكلمة السفلى لأنها كلمة الذين كفروا. بل لقد جاء هذا التفسير صراحة منسوبا إلى الإمام أبى جعفر فى تفسير "نور الثقلين" للعروسى الحويزى حيث قال: "قال أبو جعفر عليه السلام: فأنزل الله سكينته على رسوله. ألا ترى أن السكينة إنما نزلت على رسوله وجعل كلمة الذين كفروا السفلى؟ قال: هو الكلام الذي يتكلم به عتيق". و"عتيق" هو اسم أبى بكر رضى الله عنه وأرضاه.

وفى موقع شيعى اسمه "البرهان موقع أهل السنة والقرآن: www.alborhan.org" يطالعنا مقال طويل غُفْل من التوقيع بعنوان "معاناة النبي صلى الله عليه وآله من أبي بكر في الغار" جاء فيه "أن الكفار أخرجوا النبي صلى الله عليه وآله ولم يكن معه إلا شخص واحد، وقد دخل الغار، فلم يكن له أي ملجأ يلجأ إليه أو منفذ يفر إليه بعد أن حوصر فيه. ومع هذه المعاناة الشديدة التي كان يتكبدها من انعدام سبل الخلاص من المشركين بعد أن دخل الغار ووجود الكفار خارج الغار يريدون قتله، مع كل هذه المعاناة "يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا". أي أن النبي صار يتكبد معاناة أخرى غير تلك المآسي المتراكمة، وهي تهدئة هذا الشخص الذي لم يزل متحسرا على ما فاته خائفا مما سيلحق به مرتعدا مضطربا أوشك أن يوقع بالنبي لشدة خوفه واضطرابه ورعدته! ومازال النبي يقنعه أن الله لن يترك رسوله! ... (و) أن الآية الكريمة صريحة في ذم أبي بكر وذم موقفه المثبّط ورعدته واضطرابه وحزنه ومحاولة النبي جاهدا تهدئته بأن الله معهما، إذ الآية في مقام بيان عظم المأساة وتكالب المصائب عليه وفقدان الناصر للنبي حينها إلا الله لتتجلى عظمة قدرة الله وعظيم سلطانه ... (و) أن أبا بكر فشل فشلا ذريعا في هذا الاختبار ولم يكن من الصابرين، (وأنه قد) اختص الله عز وجل معيته وسكينته برسوله، الذي قلق من اضطراب أبي بكر، وأيده بجنود من السماء، وحرم أبا بكر من هذه السكينة التي كان بأشد الحاجة إليها ... (وأن) قول النبي مهدئا أبا بكر: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} دليل صريح وواضح على ما قلناه من أن أبا بكر لم يكن ناصرا للنبي في خروجه للغار، وإنما كان عالة ومعاناة ومصدر إزعاج وقلق للنبي حتى احتاج النبي صلى الله عليه وآله لسكينة من الله وأن يذكّر أبا بكر بألف باء الإسلام، وهي معية الله للمؤمنين وصونهم من الكافرين وأن الله عز وجل يراقبهم ويسمع ويبصر ما يجري بهم وأن الله ليس بغافل عنهم! ومع كل هذا فشل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير