تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ورجاءً فى المثوبة الإلهية، ولا يشمخون بها على الفقراء والمساكين أويراؤون الناس بها من حولهم. وقد ورد فى الشعر الجاهلى لفظ "الركوع" بهذا المعنى:

سيبلغ عذرا أو نجاحا من امرئٍ* إلى ربه رب البرية راكع

كل ذلك، ولم أتطرق إلى تضعيف ابن تيمية وغيره للرواية التى تنسب إلى على تصدقه بخاتمه فى الركوع، لأننى أعرف ماذا سيكون الرد على هذا، إذ سيقال: ولكن الرواية عندنا نحن صحيحة.

ويرتبط بالآيتين السابقتين قوله عز شأنه فى الآية السابعة والستين من ذات السورة: "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"، التى ذكر الطوسى فى تفسيرها أربعة أقوال، مع أخذه بالقول الأخير بطبيعة الحال لأنه هو أساس التمييز بينهم وبين سائر فرق المسلمين، ولأنه منسوب إلى اثنين من أئمتهم: "قيل في سبب نزول هذه الاية أربعة أقوال: أحدها: قال محمد بن كعب القُرَظِيّ وغيره إِن اعرابيا هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم فسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه شجرة حتى انتثر دماغه. الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهاب قريشا فأزال الله عز وجل بالآية تلك الهيبة. وقيل: كان للنبي صلى الله عليه وسلم حراس بين أصحابه، فلما نزلت الآية قال: الحقوا بملاحقكم، فإن الله عصمني من الناس. الثالث: قالت عائشة إن المراد بذلك إزالة التوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من الوحي للتقيّة. الرابع: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام إن الله تعالى لما أوحى الى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستخلف عليا كان يخاف أن يشقّ ذلك على جماعة من أصحابه، فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره بأدائه. والآية فيها خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وإيجاب عليه تبليغ ما أُنْزِل اليه من ربه وتهديد له إن لم يفعل وأنه يجري مجرى إن لم يفعل ولم يبلّغ رسالته". وإن الإنسان ليتساءل: منذ متى كان النبى يخشى أن يثير غضب المسلمين فى أمر نزل به الوحى ووجب عليه تبليغه لهم حتى يقال هنا إنه خاف أن يبلغهم استخلاف الله عليا عليهم بعد لحاقه هو بالرفيق الأعلى؟ وإذا كانت إمامة على من أركان الدين إنها إذن لكارثة أن يتلجلج فيها النبى كل هذا التلجلج حتى لينزل عليه الوحى يهدده على هذا النحو. الواقع أن ما يقال عن استخلاف على، رغم إجلالى وإكبارى إياه وحبى الشديد له ولولديه سِبْطَىْ رسول الله، هو أمر لا يقنعنى أبدا. ومع هذا فمن حق الشيعة أن يؤمنوا بذلك، لكننا كنا نودّ ألا يجرمهم هذا الحب على البذاءة فى حق غيره من الصحابة الأجلاء، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم وعن علىٍّ أجمعين.

وفى القمى تفسيرا لقوله تعالى من سورة "النحل": "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ... (69) " نقرأ الآتى: "قوله: {وأوحى ربك إلى النحل} قال: وحيُ إلهام. تأخذ النحل من جميع النَّوْر ثم تتخذه عسلاً. وحدثني أبي عن الحسن بن علي الوشّاء عن رجل عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: "وأوحى ربك إلى النحل قال: نحن النحل التي أوحى الله إليها {أن اتخذي من الجبال بيوتا}، أمرنا أن نتخذ من العرب شيعة. {ومن الشجر}، يقول: من العجم. {ومما يعرشون}، يقول: من الموالي". وكالعادة فإن مثل تلك التفسيرات تتنكر للسياق وتدير ظهرها له وتفسد اللغة والمنطق إفسادا شنيعا، فإن الكلام فى الآيات عن نعم الله فى الماء والبلح والعنب واللبن والعسل، ولا مدخل فى هذا لبنى هاشم ولا حتى للرسول نفسه، فنحن هنا فى طعام وشراب لا فى علم. ولو افترضنا أن هذا التفسير الذى يقدمه القمى صحيح، فلماذا يكون بنو هاشم هم النحل فقط ولا يكونون أيضا أبقارا وجواميس تدر اللبن من بين فرث ودم فى الآية التى تسبق هذه؟ ترى أَثَمّ مسوّغ لهذا الانتقاء لأحد الشيئين دون الآخر؟ ولست بحاجة بطبيعة الحال للتنبيه إلى أننى لا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير