تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سألته عن قول الله تبارك وتعالى: "مرج البحرين يلتقيان". قال: ذلك علي وفاطمة. "بينهما برزخ لا يبغيان"، قال: العهد الذي أخذه عليهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم. يعني: لا يزنيان. "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان"، قال: الحسن والحسين وذريتهما ... وقوله: "لا يزنيان" ربما لا يتناسب مع ظاهر الآية وسمو أهل البيت، بل المتناسب ماورد في حديث ابن عباس الذي رواه الحسكاني في "شواهد التنزيل" بأسانيد، قال: حب دائم لا ينقطع ولا ينفد أبدا. وفى رواية: ود لا يتباغضان .... عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه في قوله تعالى: "مرج البحرين يلتقيان" قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة عليهما السلام. "يخرج منها اللؤلؤ والمرجان": الحسن والحسين عليهما السلام. فمن رأى مثل هؤلاء الاربعة؟ لايحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا كافر. فكونوا مؤمنين بحب أهل البيت، ولا تكونوا كفارا ببغض أهل البيت فتُلْقَوْا في النار. قال: حدثني محمد بن أحمد بن علي الكسائي معنعنا عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وقد سئل يوما في محفل من المهاجرين والانصار في قوله عز وجل: "بينهما برزخ لا يبغيان"، قال: لا يبغي عليٌّ على فاطمة، ولا تبغي فاطمة على علي. ينعم عليٌّ بما أعد الله له وخصَّه من نعيمه بفاطمة، اتصل معها ابناهما حافَّيْنِ بهما منهم فيصل من النور كالحجال. خُصُّوا به من بين أهل الجنان. يقف عليّ من النظر إلى فاطمة فينعم، وإلى ولديه فيفرح. والله يعطي فضله من يشاء، وهذا أوسع وأرحم وألطف! ثم قرأ هذه الآية: "يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم" (الطور/ 23) بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من غير تكلف، وكل في أماكنه ونعيمه مد بصره، "فيومئذ لا يُسْأَل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ".

وعند الجنابذى: "القمّي عن الصادق عليه السلام قال: عليّ وفاطمة صلوات الله عليهما بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه. "يخرج منهما اللّؤلؤ والمرجان قال: الحسن والحسين عليهما السلام. وفي "المجمع" عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري أنّ "البحرين" عليّ وفاطمة عليهما السلام، و"البرزخ" محمد صلّى الله عليه وآله، و"اللّؤلؤ والمرجان" الحسن والحسين عليهما السلام". ولايخرج فُرَاتٌ الكوفى فى تفسيره لتلك الآية عن هذا. وبهذه الطريقة يُمْتَلَخ النص من سياقه ويُخْلَع عليه من المعانى ما لا علاقة بينه وبينها، إذ الكلام فى الآيات إنما هو عن الطبيعة ومناظرها والنعم التى بثها الله فيها، والخطاب فيها موجه إلى الجن والإنس، فما دخل ذلك بعلى وفاطمة وحسن وحسين عليهم رضوان الله أجمعين؟ علاوة على أنه من سوء الأدب أن يجعلوا البحرين هما عليا وفاطمة، فى حين أن الرسول لا يزيد عن أن يكون برزخا يحجز بينهما، وإن كنت مع هذا لا أدرى حكمة الحجز هنا، والزوجان إنما يتزوجان ليختلطا وينصهرا ويصبحا كيانا واحدا، لا ليظلا منفصلين يقوم بينهما رقيب يحجز بينهما. وما معنى أن البرزخ، الذى هو محمد، يمنع عليا وفاطمة من أن يبغى أحدهما على الآخر؟ أتراهما لو لم يحجز بينهما البرزخ سوف يتظالمان ويتباغيان؟ فلقد مات قبلهما الرسول إذن، فهل نفهم أن البغى بينهما بدأ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان الحسن والحسين هما اللؤلؤ والمرجان، بغض النظر عن أن مفسرى الآية لم يحددوا من منهما اللؤلؤ، ومن منهما المرجان، فمن هم الجوارى المنشآت فى البحر كالأعلام؟ وينبغى ألا ننسى أنه كان عندنا قبيل قيل بحران اثنان، فأصبح لدينا الآن بحر واحد، فأين ذهب الآخر يا ترى؟ وأى البحرين هو الذى ذهب؟ علىٌّ أم فاطمة؟ أما الطبرسى والطباطبائى وتقىّ الدين المدرسى صاحب تفسير "من هَدْى القرآن" فقد أعرضوا ونَأَوْا بجانبهم عن كل هذا الشطط فلم يَتَدَهْدَوْا إلى ما لا يليق بالعقلاء، ولم ينغمسوا فيما فى ذلك من إثم وإصر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير