تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

للشيخ المفيد رضوان الله عليه. والقرآن الكريم يشير إلى أن الأساليب الخفية في الدعوة إلى الهدى كانت أيضا من سنة نبي الله نوح عليه السلام، فقد قال عز وجل حاكيا دعاءه: "ثم إني دعوتهم جهارا* ثم اني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا". ويستفاد من الأحاديث الشريفة أن من علل إطالة عمر نبي الله نوح عليه السلام هو تمحيص إيمان الذين آمنوا به وغربلتهم لإيصال المستعدين منهم إلى الدرجات العالية من الإيمان. وهذه الحكمة متوفرة في إطالة عمر مولانا المهدي وطول غيبته، عجل الله فرجه، ففيها يغربَل المؤمنون ويمحَّصون حتى لا يبقى إلا الأندر الأندر كما ورد في حديث الإمام علي عليه السلام الذي رواه الشيخ النعماني رحمه الله في كتاب "الغيبة". وهؤلاء المؤمنون الثابتون على الدين الحق رغم طول الغيبة هم الأنصار الحقيقيون للمهدي المنتظر، وهم أصحابه الخلَّص الذين يبعثهم الله أحياءً لنصرته عند ظهوره إذا توفاهم قبل ذلك".

وهو كلام غير مقنع على الإطلاق: فنوح قد أخبرنا القرآن بخبره، أما المهدى فأين الدليل على أنه قد عُمِّر كل هذا العمر الطويل؟ ثم إن الأعمار فى زمن نوح كانت طويلة، بخلافها منذ زمن المهدى حتى الآن. وحتى لو قلنا إن طول عمر نوح معجزة انفرد بها، فأين الدليل على أن المهدى قد حَظِىَ هو أيضا بتلك المعجزة؟ لا القرآن ولا الحديث قال ذلك. وكذلك لم يره أحد حيًّا، وإلا فليأت من رآه ويأخذنا إليه لنتأكد أن ما يقال عنه صحيح. وبطبيعة الحال فإن كل إنسان حى يحتاج إلى طعام وشراب وقضاء حاجة واغتسال ومشى ونوم وما إلى ذلك، فمن يقوم له بتلك الحاجات يا ترى؟ ولماذا لا يتحدث الناس الذين يقومون بخدمته إن كان هناك أمثال أولئك الناس؟ أما إن قيل إنه لا يحتاج إلى شىء من هذا، فمعنى ذلك أننا، كرة أخرى، أمام معجزة، فأين الدليل على هذه المعجزة؟ مرة ثانية لا القرآن والحديث قال شيئا عن هذا، فكيف يراد منا أن نؤمن به؟ ومعنى ذلك كرة ثانية أن أحدا لم يره من قبل ولا يراه الآن، فكيف نعرف إذن أنه موجود؟ وعلى كل حال فإن وسائل البحث عن الأشخاص المفقودين والغائبين والمختفين قد تطورت تطورا هائلا فى العصر الحديث، ومِثْلُ المهدى تجنَّد له كل الإمكانات لمعرفة موضعه وحاله، فلماذا لا يقوم من يؤمنون به، ويبحثون عنه فى المنطقة التى يقال إنه اختفى فيها منذ نحو ألف عام ويمشطونها تمشيطا حتى يعثروا عليه؟ إنهم يَدْعُون دائما بأن يعجِّل الله فرجه، فما المانع أن يبذلوا ما يستطيعون من جهد للتعجيل بهذا الفرج بدلا من ذلك الانتظار الطويل دون جدوى؟ ولم يبقى المهدى كل هذا الوقت دون أن يظهر؟ أولم يحركه كل ما وقع بالمسلمين طوال هاتيك القرون من مصائب ونكبات حتى لو قلنا إن المسلمين هم الشيعة وحدهم؟ والغريب أن الشيخ يقول إن المهدى، مثل نوح عليه السلام، يقوم منذ اختفائه بهداية الناس. فكيف ذلك يا ترى؟ لقد كان نوح يخالط قومه وهو يدعوهم ويعمل على هدايتهم فيسمعه الناس ويَرَوْنه ويسخر منه الكافرون ويصدّق به المؤمنون. أما هداية الناس غيبًا فلا أدرى كيف تكون؟ هل هناك وسيط ينقل لهم ما يريد المهدى تبليغه إياهم؟ فمن هو ذلك الوسيط يا ترى؟ ولماذا لا يأخذ محبِّى المهدى إليه فيختصر الجهد ويعجّل بسعادتهم ويكمل هدايتهم؟ كذلك يقول الشيخ إن المهدى يرعى أتباعه ويحميهم من الأخطار. ترى بالله العظيم كيف يكون ذلك؟ إن إيران تتعرض مثلا للزلازل فتنهدم بيوتها ويموت الناس تحت أنقاضها كما يفعلون فى أية دولة أخرى. كذلك عندما كانت هناك حرب بين العراق وإيران كانت القنابل تنزل على المبانى الإيرانية فتحولها إلى خرائب يندفن الناس تحتها، وكان الجنود الشيعة على الجانب الإيرانى يُقْتَلون مثلما يقتل الجنود السنة عل الجانب العراقى سواء بسواء. وحتى فى الكُرَة كثيرا ما تنهزم الفرق الإيرانية أمام فرق آسيوية، وما أدراك ما مستوى الفرق الآسيوية؟ فما بالنا بمسابقات كأس العالم التى لا مكان فى صفوف صدارتها لأية دولة مسلمة فى وقتنا الحالى، شيعية كانت أم سنية؟ ترى لم لا يرينا المهدى عجائب قدرته فى هذا الميدان، والمعاونة فيه أسهل كثيرا منها فى ميدان الحروب والقنابل والقتل والدمار بما لا يقاس؟ أما إن قام بتدمير أمريكا وتخليصنا من بوش وعصابته قبل أن تعتدى على إيران، فلسوف نكون له من الشاكرين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير