1 - انطلاق التفكير النحوى مؤصلا للاطارالعام للغة، ومن شا ن المؤصل الانطلاق من النظرة الكلية التى يقتضيها التقعيد للغة ((اللسان)) لا الجزئية التى يقتضيها الكلام ((الاستعمال)) بحيث يصبح ما يرسيه من ضوابط فى اللغة قاعدة وأصلا لما يأتى به الاستعمال ومن هنا كان عمل النحاة تنظيراً محضاً مجرداً لنظام اللغة وبنية اللسان فى العربية مما يمكن من خلاله ضبط الاستعمالات المختلفة وعدم الانتباه الى هذا -أعني انطلاق الفكر النحوى من النظرة الكلية للغة لاالجزئية للاستعمال- جعل بعض الباحثين المحدثين يطالبون النحاة العرب بالجمع بين دراسة الاساليب وعلم المعانى التى تعتمد على الكلام اذ جعلها عدول عن الاصل وبين نظرية الاعراب التى تعتمد على التقعيد للسان دون ان ينتبه الى فائدة الفصل الذى اقامه النحاه العرب والذى مكنهم من حصر مجال دراستهم وجمع معطيات متجانسة حسب وجهة نظر محددة
3 - حديث النحاة عن الاصل الذى تحكمه قواعد اللغة التى تسعى الى تحقيق الضبط والاحكام الاطراد والعدول عن الاصل الذى يحكمه استعمال المتكلم باللغة اذ يمكن للمتكلم ان يفار ق الاصل على سبيل التجوز والاتساع بما تبيحه اللغة ايضا فى ضوء سنن العرب ومعهود خطابها ضمانا للافهام والتاثير فى آن واحد = فضاءات واسعة فى بناء الكلام اذاأمن اللبس وقام فى السياق ما يعرف به وجه الكلام وهذا يبرز لنا مكانة التاويل الذى يحكم مظاهره مقولات مختلفة فى الدرس النحوى مثل القول بالحذف والاضمار والتقدير والزيادة والتقديم والتاخير اذ انه يربط بين الاصل وما عدت به عنه فى الاستعمال حتى صار أداة مهمة فى بناء الفكر النحوى ومن لم ينتبه الى هذا لم يستوعب مراد النحو القديم فى بحثه عن المستوى الاصلى للتراكيب وبيان ما يحدث فيها من خروج عن النمط النظرى لبناءها لامريقتضيه المعنى وملابسات التعبير.
وإذاً فالنحوى يحل محل المتكلم ويقيس كلامه على أصل معياري وضعه هو عبر استقراء ناقص للمنقول المسموع، ثم هو يفسر لك كلام المتكلم ويشرحه وفقاً لهذا الأصل الذي يُحاول رد الكلام إليه. بحيث تكون عملية الرد للأصل المعياري هذه هي من صلب فهم مراد المتكلم وإفهامه وتبيينه، ويطلقون (وليس كلهم يستعمل نفس الإطلاقات) على هذه العملية عدة أسماء منها:
1 - وجه الكلام.
2 - تمام القول.
3 - مجاز الكلام.
يبقى هاهنا أمران:
الأول: ما هي المجالات التي أجرى فيها النحاة هذه العملية
الثاني:. ما هي العناصر المكونة لهذا الأصل المعياري.
أما المجالات فهي ثلاثة:
1 - التركيب (ويشمل النحو والصرف)
2 - الأصوات.
3 - الدلالة.
أما العناصر فهي مركبة من أمور شتى فمنها:
1 - ما قاموا هم بصوغه وصكه من قواعد أنتجها استقرائهم الناقص غالباً والتام أحياناً.
2 - ما أخذوه عن أرسطو من منطق اللغة وما ينبغي أن تكون عليه .. ومن ذلك المقولات العشر (الجوهر والكم والكيف والزمان والمكان والإضافة والوضع والملك والفاعلية والقابلية، أو كما تسميها متون المنطق العربية: أن يفعل وأن ينفعل)
وهذه المقولات هي التي أورثتهم بلية التقدير ... إذ للكلمة والجملة عندهم جوهر قياسي معياري؛ فإذا أتى في كلام العرب المسموع (ومن بابته القرآن) ما يخالف هذا الجوهر القياسي المعياري =وجب رده إلى هذا الجوهر بتقدير مقدرات تعمل عمل تكميل الكلام المسموع وصبغه بما يوافق هذا الجوهر القياسي المعياري.
ولك أن تتأمل في خلط النحاة بين الزمان النحوي والزمان الفلسفي (لذي ورثوه من مقولة الزمان) عند كلامهم عن الفعل المضارع الدال على المضي لاقترانه بقد ...
وانظر أثر مقولة الكيف مع مقولة المكان في تقدير الحركات في أواخر الكلمات وفي الإعلال والإبدال.
وحتى لا أطيل أكثر من هذا أنتقل لصورة تطبيقهم لهذا القياس النحوي على المستوى الدلالي والذي يُفسر الأمثلة التي ذكرها الشيخ مساعد والأخ الفاضل الآخر ... وبيان أنها تتسق مع ما بيّناه ..
¥