تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالحوار ومقارعة الحجة بالحجة بشكل هادئ, مع تكثيف الجهود من أجل بناء أصول التفسير, قد يتوصل الطرف الآخر إلى مشكلته التي تكمن في الأساس على الفهم والوسائل المؤدية إليه: " وقد تكون مشكلة المسلمين كلها اليوم في منهج الفهم الموصل إلي التدبر وكسر الأقفال من على العقول والقلوب، وتجديد الاستجابة، وتحديد وسيلتها، ليكونوا في مستوى القرآن، ومستوى العصر، ويحقق الشهود الحضاري، ويتخلصوا من الحال التي استنكرها القرآن) ں {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} ({محمد:24}،) {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} ({ص:29} ... وفي تصوري: أن الأزمة التي لا نزال نعاني منها، ليست بافتقاد المنهج، فالمنهج (مصدر المعرفة) موجود، ومعصوم، ومختبر تاريخيا .. لكن المشكلة بافتقاد وسائل الفهم الصحيحة، وأدوات التوصيل، وكيفية التعامل مع القرآن أي: منهج فهم القرآن والسنة، فالله سبحانه وتعالى يقول {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} {المائدة:48}.

فتصويب النظر والفهم في كتاب الله، وبناء المنهج السليم ضرورة من الضرورات لإخراج الأمة مما هي فيه، فالنوايا الحسنة لا تكفي، والإيمان بضرورة تجديد الفهم لا يغير من واقع الأمة- الخطير الذي تئن من هول ثقله- شيء لذلك " وجب وضع قانون يتوصل به إلى علم التفسير".

فلا خيار أمام الأمة من محاولة وضع هذا القانون، أولا قدر الله الانحراف عن الجادة، وبقاء الأمة في مَدَارِ ردود الأفعال المتشنجة " ولإعادة الأمور إلى نصابها، لابد من إعادة مفاهيم الوحي بعد تحصيلها إلى مواقعها وأحجامها، وإلا تشوه الدين، وازداد فساد المسلمين ... عبثا نحاول إصلاح الحال قبل إصلاح العمل، وعبثا نحاول إصلاح العمل قبل تجديد الفهم، وعبثا نحاول تجديد الفهم قبل تجديد المنهج، ... فالمنهج الراشد ينتج العمل النافع، والعمل النافع ينتج العمل الصالح، والعمل الصالح ينتج الحال الصالح أو الحياة الطيبة".

فالمنهج السوي السليم سيكون بإذن الله تعالى جُنَّة من التحريف ووقاية من " هؤلاء الذين سميتهم بالطفيليين، والحق أن من نظر في قواعد العلوم، ومارس بحث مسائلها أدرك- لا محالة- أنه من المحال أو من الصعب أن يستثمر النصوص على سبيل مرض صحيح من لم يدرس العلوم المتعلقة بهذا الشأن ويعلم المسالك الضابطة للنظر، والمناهج المسلوكة في أخذ المعاني من مواطنها، ويُتقن القواعد التي على مدارها يجري التأمل، والبحث، والتي بها يهتدي إلى خبايا النصوص، وأسرارها. إذا تقرر هذا فإنه من الواجب – كما سبق ذكره- دراسة المنهج أو المناهج التي يُسار على مقتضى قواعدها في هذا الشأن (= تفسير النصوص) ولمها تحت فن وحصرها باعتبار أوصافها، وخصائصها، وما عليه مدارها من أمور.

وذلك يُحصل على أمرين هامين: أحدهما: معرفة ما يحكم هذا الأمر من قواعد، وضوابط وما فيه من مناهج وطرق مختلفة، ومعرفة الفاسد منها من الصحيح.

ثانيها: درء الفساد والإفساد عن الناس وعن المعرفة، وعن العقول التي تتلقى ما يقدم إليها من غير تمييز بين ما هو باطل، وما هو حق، وربما شغلها التناقض ما يقدم إليها من غير تمييز بين ما هو باطل، وما هو حق، وربما شغلها التناقض الذي تكسبه من تعدد التفاسير والشروح ليست إلا غثاء، وأوهاما خُيِّلَ لأصحابها أنها صحيحة، وهي في واقع الأمر ليست كذلك".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير