تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما الإجماع ممن يعتبر إجماعهم على ما لم يتضمنه الكتاب المنزل والأحاديث والسنن النبوية فلا خلاف في الأخذ به في التشريع أي العبادات والمعاملات قبل ظهور الحكم الشرعي من الكتاب المنزل الذي تضمن تفصيل كل شيء ولم تستكمل الأمة الأمية بعد دراسة الكتاب المنزل بل ستظهر معانيه ودلالاته أكثر فأكثر كلما اقتربت الساعة وليعلم الناس رأي العين أن محمدا ? مرسل من ربه بالقرآن كما شهد به الله وهو أكبر شهادة.

ولأجل ذلك استأنست بالأدلة التي توصلت إليها ولم أزهد فيها بسبب مخالفة أهل الأرض والتراث إذ ليس ذلك هو المعيار لمعرفة الحقيقة بل هو موافقة الكتاب المنزل من عند الله.

وأما ملاحظتي على ملاحظاتك فهي أنها تبدو وكأنها لم تخرج من مشكاة واحدة وكأن بعضها صيغ صياغة امتحان الفطنة إذ دسّ فيها مالا أعتبره يحتاج الملاحظة فلم تتجانس مع الملاحظة الثانية والأخيرة وهي التي يقع عليها قولهم كل الصيد في جوف الفرا، ذلك وصفي للملاحظة الأخيرة وهي قولك "ثم إن الكتاب في صياغته شيء ما إلخ ويأتي ثانيا في أهمية الملاحظة سؤالك الثاني وهو سؤال يدل على الفطنة والنباهة.

وأقول في محاولة الجواب:

أما السؤال الأول: " هل كل عهد في القرآن كتاب؟ وهل كل كتاب عهد؟ " ففيه خلط كبير إذ لم أقل هذا الكلام، وإنما قلت "إن الكتاب المنزل من عند الله هو العهد منه " في سياق موعودات الله، فكل وعد من الله في الكتاب المنزل هو عهد منه وهكذا فإن زعم اليهود أن لن تمسهم النار إلا أياما معدودة هو من قولهم على الله ما لم يعلموه من الكتاب المنزل إليهم "التوراة " وإن موعودات الله في التوراة لعهد منه إلى بني إسرائيل أن يصدقهم إياها ولن يخلف الله عهده ولا وعده بل سيتم نفاذه إذا وافق الأجل الذي جعل الله له وهو الميعاد والله لا يخلف الميعاد.

وكذلك الذي زعم أن سيؤتى مالا وولدا لو بعث يوم القيامة إنما هو من قوله على الله ما لم يعلمه من الكتاب المنزل إذ لو يتضمن الكتاب المنزل ذلك لكان قد اتخذ عند الله عهدا.

هذا المعنى في هذا السياق هو الذي قصدت ولتوضيحه فإن الرسل والنبيين قد اتخذوا عند الله عهدا بما اصطفاهم وأوحى إليهم أن لن يعذبهم في اليوم الأخر، وذلك مدلول قوله تعالى ? وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ? البقرة 124 ويعني والله أعلم أن اصطفاء الله إبراهيم وجعله إماما للناس يعني العهد من الله أن لا يعذبه في الآخرة وسأل إبراهيم ربه عن ذريته هل يدخلون في هذا العهد؟ فأنزل الله إليه قوله ? لا ينال عهدي الظالمين ? أي سينال ذلك العهد من ذريتك غير الظالمين منهم أي سيناله المؤمنون.

أما نحن عامة المسلمين فلدينا كتاب الله فلنستمسك بكل وعد من الله تضمنه الكتاب المنزل فهو عهد منه كوعده أن يجعل للمتقين مخرجا وأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون وأن يدخلهم الجنة وكوعده أن يدخل الفجار النار.

وأما ملاحظتك الثانية فهي نفيسة جدا وهي قولك ? وتفصيلا لكل شيء ? هل هو مفصل أم تفصّل به الأشياء؟ اهـ وأقول إن قوله تعالى ? وتفصيلا لكل شيء ? إنما وردت في وصف التوراة وذلك قوله ? وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء ? الأعراف 145 ومن المثاني معه قوله ? ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء ? الأنعام 154 وكذلك تضمنت التوراة تفصيل كل شيء موعود وعد به الله أن يقع في بني إسرائيل وفي الناس غيرهم بعد نزول التوراة وكما أثبته على الميدان في تفسيري ولله الحمد.

وأما القرآن فكذلك به تفصيل كل شيء كما في قوله ? ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ? خاتمة سورة يوسف وقوله ? وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ? الأنعام 38 ويعني حرف يوسف أن القرآن وهو الموصوف بقوله ? ما كان حديثا بفترى ? مصدق للذي بين يديه وهو التوراة والإنجيل وما أوتي النبيون قبل نزول القرآن وهو ما بين يديه وكذلك تضمن القرآن تفصيل كل شيء مما وعد الله أن يقع بعد نزول القرآن في الدنيا والآخرة، وإن استنباط ذلك من القرآن هو القصد وراء تفسيري والله المستعان وهو حسبي ونعم الوكيل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير