وهكذا لم يتضمن تفسيري الأحكام الفقهية في التشريع والمعاملات لأن المكتبة الإسلامية غنية بها.
ويعني حرف الأنعام أن القرآن تضمن كل موعود وعد الله أن يقع في الدواب والطير وهم أمم أمثال الناس سيقع فيهم وأن القرآن لم يفرط في شيء من ذلك بل تضمن تفصيله كله ولقد بينت منه في كلية الخلافة على منهاج النبوة الموعودة وكلية الآيات ما سيذهل الناس ويعجبون من القرآن يوم أنشره.
وأما قولك ? كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا ? كلمة قرآنا ما إعرابها؟ لكي نفهم ? تفصيل ? ماذا تعني؟ اهـ
فأقول والله أعلم لقد أخذت باعتبارها مفعولا ثانيا لـ? فصلت ? بعد نائب الفاعل ? آياته ? وهو المفعول الأول.
ولكن ليفهم خواص الأمة وهم القراء والمفسرون والمحدثون دلالة ذلك وليعلموا من تفصيل الكتاب المنزل أن الآية حيث وقعت في الكتاب المنزل فهي تقع على المتلوة أو النعمة أو الدليل على التكرار أو القرينة للتصديق أو على الخارقة المعجزة.
وتقع آيات الكتاب والقرآن على الفواتح في أوائل السور المعلومة.
ومما يقع على المتلوة قوله ? ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ? عمران 58
ومما يقع على النعمة قوله ? يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ? الأعراف 26.
ومما يقع على الخارقة للتخويف والقضاء قوله ? هذه ناقة الله لكم آية ? الأعراف 73، وقوله ? قد جئناك بآية من ربك ? طه 47، وقوله ? وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه ? طه 133، وهذه الآيات للتخويف لا يكون بعدها إلا القضاء بين الفريقين بنجاة المؤمنين وإهلاك المجرمين وهم المكذبون بها.
ومما يقع على الدليل على التكرار قوله بيان قوله ? إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ? الروم 23 بعد ذكر المنام بالليل والنهار وطلب رزق الله.
ومما يقع على القرينة على التصديق قوله ? ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ? يوسف 35 ويعني بالآيات القرائن الدالة على براءته، وقوله ? إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ? البقرة 164 ويعني بالآيات القرائن الدالة على أن الله رب العالمين ومدبر الأمر.
وإن الآية الخارقة المعجزة تقع على التي للكرامة والطمأنينة وعلى التي للتخويف والقضاء.
ولقد بينت حرف فصلت في كلية الكتاب فلا أتعجله الآن.
وأما ملاحظتك الثالثة فهي على قولي "كما في قوله ? وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ? الزمر 45 ومن المثاني معه قوله ? إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ? النحل 22 ويعني أن قلوب المشركين تشمئز من الإيمان بالله وحده أي تنكره ".
وإني لم أقصد الاستدلال على أن الإنكار مرادف للاشمئزاز وإنما قصدت أن الآيتين من المثاني فقوله ? إلهكم إله واحد ? في حرف النحل هو من المثاني مع قوله ? وإذا ذكر الله وحده ? في حرف الزمر تطابق معناهما ودلالتهما وكذلك ورد في الحرفين ذكر قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة متطابقا وذكر في حرف النحل اشمئزاز تلك القلوب من ذكر الله وحده مما يعني أنه من المثاني مع إنكار تلك القلوب ذكر الله وحده في حرف الزمرأي أن عدم معرفتها ذكر الله وحده وعدم اطمئنانها إليه هو الذي جعلها تشمئز من ذكر الله وحده.
هذه المطابقة في الدلالات والمعاني هي التي سمّيتها اجتهادا مني وتجوزا مثاني وإن كان المدلول العلمي للفظ المثاني هو ما ذكرته في التعريف بالأحرف السبعة وأذكره في سياق بيان القرآن في طول التفسير وعرضه أي أن المدلول العلمي للمثاني هو الذكر من الأولين والوعد في الأخرين وقد جمع الله المثاني في آية واحدة أكثر من مرة كما في قوله ? أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمّر الله عليهم ? القتال 10 فهذا هو الذكر من الأولين وأما قوله ? وللكافرين أمثالها ? القتال 10 فهو الوعد في الآخرين وهو من نبوة خاتم النبيين ? المنتظرة التي ستقع في الدنيا وكما بينته في تفسير سورة القدر.
¥