تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال: "وبعد هذا البحث الذي لا ندعي له الكمال و الاستيفاء نريد أن نخلص إلى أن الذي نؤمن به من غير ريبٍ أن الذي بين دفتيّ المصحف كتاب الله جل شأنه أنزله على نبيه لا مدخل للبشر في صفةٍ من أوصافه ولا في حرفٍ من حروفه ولا مجال للاجتهاد في ترتيب آياته ولا في ترتيب سوره بحيث أثبتت البسملة فإنما أثبتت بأمر الله، وحيث حذفت فإنما وقع ذلك بأمر الله".

وإنما الريب في مثل هذه الرواية التي سبق ذكرها التي تحيط بها الشكوك وتحفها الأوهام، ومن عجبٍ أن ينطلي أمر مثل هذه الرواية على بعض العلماء، كما مرّ لدى البيهقي والسيوطي ولعلهما أخذا بتحسين من حسنها وتصحيح من صححها والعصمة من الخطأ لله وحده [13]. أ. هـ.

وهل من أدلةٍ أخرى للقائلين بعدم كون الترتيب توقيفياً؟

نعم، مما استدلوا به أيضاً اختلاف مصاحف الصحابة فمنهم من رتبها على حسب زمن النزول كمصحف علي رضي الله عنه، ومصحف عبد الله بن مسعود كان أوله سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران.

والجواب: أن تلك المصاحف مصاحف علمٍ وتأويل قصدوا بها ضبط وقائعٍ معينةٍ، وكان فيها المنسوخ تلاوةً، فلم تكن تلك المصاحف مصاحف تلاوة.

ولو كان ترتيب سور القرآن الذي جمع عثمان الناس على أساسه قائماً على الاجتهاد لما قبل هؤلاء الصحابة بتسليم مصاحفهم وعرضها للتحريق والتنازل عنها ولو كانت المسألة مسألة اجتهاد لتمسكوا باجتهادهم، إذ لا يلزم المجتهد أن يقلد مجتهداً آخر [14].

أنواع التناسب في القرآن:

مناسبة السورة للسورة التي تليها.

التناسب بين مطلع السورة وختامها.

المناسبة بين الآيات.

الوحدة الموضوعية لكل سورة.

التنسيق في تأليف العبارات بتخير الألفاظ ثم نظمها في نسقٍ خاصٍ يبلغ من خلالها أرقى درجات الفصاحة.

ما الفائدة المرجوة من اعتبار ترتيب السور توقيفياً؟ وما الثمرة التي نجنيها من خلال التناسب والربط بين الآيات والسور؟

في إثبات توقيفية ترتيب سور القرآن إثباتٌ وتأكيدٌ لمعنى قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فلم يكن حفظ القرآن وصونه موكول لأحدٍ من البشر.

وفيه أيضاً ردٌّ للشبه التي يثيرها الروافض والمستشرقون حول جمع القرآن، والزيادة فيه والنقص منه كما يزعمون!! قبحهم الله.

ومن ثمرات هذا العلم الالتفات إلى الحكمة من هذا الترتيب والاهتمام باستخراج المعاني و الحكم و لطائف النكات التي لا يتوصل إليها إلا بالتماس المناسبة والربط.

كيفية التعرف على التناسب والربط بين السور والآيات، وبيان أسبابه:

معرفة المناسبة و ارتباط السور والآيات بعضها ببعضٍ يتم من خلال الاعتبارات التالية:

1 - قد يكون الارتباط ظاهراً:

2 - قد لا يكون الارتباط ظاهراً، بل يبدو لأول وهلةٍ أن كل آية أو جملة مستقلةٍ عن الأخرى، وهاهنا: - إما أن تكون معطوفةٌ على الأولى بحرفٍ من حروف العطف المشتركة في الحكم، ويندرج في هذا ما يسمى ربط التضاد أو المقابلة، كأن يذكر نوعين متضادين، كذكر المؤمنين والكافرين، والخير والشر، والعلم والجهل، والظلمات والنور، وطريق الهداية وطريق الغواية، ومصير الكافرين ومصير الأتقياء المؤمنين، والظلم والعدل، والبخل و الإنفاق، والطيب والخبيث، وهذا كثير جداً في القرآن الكريم.

- وإما أن لا تكون معطوفة، فلا بد من قرينةٍ معنويةٍ تؤذن بالربط ومن ذلك إلحاق النظير بالنظير، كما في قوله تعالى: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} في سورة الأنفال، فكراهيتهم لما فعله عليه الصلاة والسلام في قسمة الغنائم، ككراهيتهم للخروج للقتال.

ومنه أيضاً: الاستطراد، وهذا يلاحظ في كثير من سور القرآن فإذا تحدث عن قصة آدم يستطرد لما يتبع ذلك من أمور [15] وكذلك في الحديث عن عصيان إبليس لربه، أو ذكر قصص الأنبياء وهكذا.

وبعد هذا العرض النظري المسهب لموضوع التناسب وترتيب سور القرآن، فهذا أوان الشروع في بيان الأدلة لإثبات المناسبة [16].

التناسب بين السور [17]:

- وجه المناسبة بين سورة الفاتحة وأول سورة البقرة:

أرشد الله تعالى عباده في سورة الفاتحة إلى أن يسألوه الهداية، بقوله: {اهدنا الصراط المستقيم} فاستجاب لهم سبحانه فقال: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}، فهذا القرآن هو طريقة الهداية الكبرى.

- وجه المناسبة بين آخر سورة البقرة وأول سورة آل عمران:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير