تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- ومن تعبيرات القرآن بالنفس وإرادة الغير قوله تعالى " فإذا دخلتم بيوتا فسلوا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة " والمعنى فليسلم بعضكم على بعض وهم أهل البيوت التي يدخلونها لأنهم بمنزلة أنفسهم في شدة المودة والمحبة ولأنهم منهم في الدين فكأنهم حين يسلمون عليهم يسلمون على أنفسهم ونحن وإياهم بمنزلة النفس الواحدة، وقد جاء هذا المقصود صريحا في قوله تعالى " تخافونهم كخيفتكم أنفسكم " والإنسان حتما لا يخاف نفسه إنما يخاف غيره أي كما يخاف بعضكم بعضا.

- ومن التعبيرات قوله تعالى " ولا تلمزوا أنفسكم " وفي هذا إشارة إلى أن من عاب أخاه المسلم فكأنما عاب نفسه فنزل البعض الملموز منزلة نفس الإنسان لتقرير معنى الإحساس بالأخوة وتقوية الشعور بها

- ومن استعمالات القرآن للنفس وإرادة الغير قوله تعالى (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) والمقصود بأنفسهم هنا إخوانهم في الدين والعقيدة ووصف الإيمان (هنا) يحملهم على إحسان الظن بالغير ويكفهم عن إساءتهم بأنفسهم " أي بأبناء جنسهم النازلين منزلة أنفسهم " فتشبيه الغير بالنفس لشدة اتصال الغير بالنفس في في الأصل والدين وفي هذا التعبير عن إخوانهم وأخواتهم في العقيدة بأنفسهم أسمى ألوان الدعوة إلى غرس روح المحبة والمودة والإخاء والإحساس الصادق حتى لكأن الذي يظن السوء بغيره إنما يظنه بنفسه.

فهذا الأسلوب القرآني وهذا الخطاب الرباني يؤكد معنى وحدة الأمة ويحدث في نفوس أفرادها أثرا وإحساسا يبعثها على الإمتثال، فالمسلم الذي يربى على هذه المعاني وهذه الدقائق القرآنية لاشك أنها تؤثر فيه وتغرس في أعماقه هذا الشعور.

ومن تدبر هذا الأسلوب العجيب علم أنه لا قوام لهذه الأمة إلا بمثل هذا الإحساس وشعور كل فرد من أفرادها بأن نفسه التي بين جنبيه هي نفس الآخرين ودمه هو دم الآخرين ولا فرق في المحافظة على الروح التي تجول في بدنه والدم الذي يجري في عروقه وبين الأرواح والأبدان التي يحيا بها إخوانه ..... وليزن طلاب علم هذا الزمان تعليمهم بهذا الأسلوب العجيب في التربية والتعليم ولينظروا أين مكانهم من فهم القرآن وما حظهم من هدايته؟ [/ color]

د. احمد شرشال

كلية الشريعة جامعة الكويت

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير