ولا بد أن نشير هنا إلى أنه لا يُطلب من كل قارئ للقرآن الكريم أن يكون نحويًا، كسيبويه ومن كان على شاكلته، بل المطلوب أن يحصل قارئ القرآن على الحد الذي يُمكَّنه من فهم كتاب الله وتدبره.
القاعدة الثانية
من القواعد المهمة والمساعدة على تدبر القرآن، دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالمعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان الترجمان الحقيقي للقرآن، وأنه كان خُلُقُه القرآن، وأنه كان قرآنًا يمشي، فهو المبين لمجمله، والموضح لمشكله، وإذا كان الأمر كذلك، فإن تدبر القرآن وفهمه لا يتأتَّى إلا بالرجوع إلى ما ثبت من سيرته صلى الله عليه وسلم وما صح من سنته.
القاعدة الثالثة
معرفة أسباب النزول تُعدُّ من القواعد المهمة في تدبر القرآن؛ لأن كثيراً من الآيات ارتبط نزولها بمناسبات ووقائع معينة، ولا يمكن أن تُفهم إلا بمعرفة المناسبات والوقائع التي نزلت لمعالجتها، فالقارئ لكتاب الله - مثلاً - قد لا يدرك المقصود من قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} (آل عمران:139 - 140) إلا بمعرفة أسباب نزولها.
القاعدة الرابعة
ومن الأمور المساعدة على تدبر كتاب الله، الرجوع إلى كتب التفاسير المعتمدة، والنظر في أقوال أهل العلم فيها، فقد حوت تلك الكتب كثيراً من تفاسير السلف، كتفاسير الصحابة، وتفاسير التابعين وتابعيهم، كتفسير الطبري، وتفسير القرطبي، وتفسير ابن كثير، وغيرها كثير، فبالرجوع إلى هذه التفاسير وأمثالها عون لقارئ كتاب الله على تدبر آياته وفهمه الفهم السليم.
القاعدة الخامسة
ومما يصبُّ فيما نحن بصدد الحديث عنه، العكوف على قراءة القرآن مع التأمل والنظر والتفكر في آياته، وهذا ما حثَّ عليه القرآن نفسه؛ يرشد لهذا العديد من الآيات الداعية إلى التفكر والتدبر في آيات الله، من ذلك - مثلاً - قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (سبأ:46) فالتفكر والتدبر والنظر والتأمل يفتح لقارئ كتاب الله كثيراً من المعاني، التي لا يمكن أن يكتسبها قارئ كتاب الله إلا من خلال ذلك.
القاعدة السادسة
ومن أهم القواعد المهمة في تدبر القرآن الكريم، قاعدة إنزال القرآن على الواقع، وتعني هذه القاعدة باختصار أن القرآن الكريم لم ينزل لزمان معين ولا لمكان معين، وإنما نزل صالحاً للعمل والتطبيق في كل زمان وفي كل مكان، وهو لا يفهم حيًا غضًا طريًا، إلا بإنزاله على واقع الأمة وقضاياها، فلكل زمان كُفَّاره ومنافقوه، ولكل مكان فراعنته وظالموه. لذا كان من الخطأ والزلل إنزال القرآن على غير منازله، فمن أنزل آيات المؤمنين في الكافرين أو العكس، أو جعل المؤمنين الصالحين هم المنافقون الكافرون، فقد ضل سواء السبيل.
وأختم هذا المقال بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم وواضح أن الحديث قَرَنَ بين التلاوة والمدارسة، ورتب عليهما السكينة والرحمة وحفظ الملائكة وذكر الله لقارئي كتابه.
ولعل واقع المسلمين اليوم وما هم عليه من وضع لا يحسدون عليه، ما يُشير إلى أن غياب تدبر القرآن وفهمه الفهم الصحيح، ومن ثَمَّ العمل به، أقول: لعل في ذلك سببًا وراء ما هم عليه، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.
منقول بتصرف من: http://www.islamweb.net/web/misc.Article?vArticle=17482&thelang=A
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[29 Oct 2003, 01:07 ص]ـ
أشكر إدارة المنتدى على تثبيت الموضوع في هذه الأيام الشريفة، كما أشكر من شارك في إثرائه إنشاءا أو نقلا، ثم أتابع مابدأته فأقول – وبالله التوفيق -:
الوقفة الثالثة: الإخلال بالترتيل.
¥