فعن حذيفة بن اليمان: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية فيها عذاب تعوذ) هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بنا نحن.
واعلم أن البكاء من شيم الأنبياء والصالحين ولا سيما عند تلاوة كلام رب العالمين قال تعالى:
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً) (الاسراء:107)
وقال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم:58)
فعلاج قلبك أن تتدبر الآيات تدبرا حكيما حتى تبكي فيرق قلبك.
ولقائل أن يقول: إنني أقرأ ولا أستطيع بكاءا، وأجد من ذلك عناءا، فأقول -رحمني الله وإياك-:
إن كل طريق يحتاج إلى مجاهدة حتى تصل إلى ماتريد ولقد قال العزيز الحميد:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
فإن كنت لاتستطيع بكاءا فتباكى، أي حاول ولا تيأس، بصدق نية وحسن توكل على الله، ولا تفهم من قولي أن تتصنع ما ليس فيك فتقع في شر وخيم من رياء وحب محمدة، فهذا قطعا غير مقصود، وإنما أن تدرب نفسك في خلواتك على استحضار المعاني والبكاء عليها، وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم)
فهذه المحاولات الصادقة في خشوعك أثناء القراءة ستؤتي ثمارها ولو بعد حين.
أما أدوات المحاولة الصادقة:
أن تُشرك القلب والعقل مع اللسان عند التلاوة، بعدها ستجد للقرآن حلاوة.
قال الغزالي في الإحياء:
(وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه العقل واللسان والقلب.
فحظ اللسان: تصحيح الأخطاء بالترتيل. وحظ العقل: تفسير المعاني.
وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار، فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ.)
هذه خطوة على طريق علاج قلبك بالقرآن، وإنني أسأل الله الرحيم الرحمن أن يوجد في قلبي وقلوبكم رقة وخشية، وأن يجعلنا من أهله وخاصته إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول من موقع طريق القرآن http://www.quranway.net/
ـ[الباحث7]ــــــــ[31 Oct 2003, 02:02 م]ـ
هذه عشر خطوات تساعد على تدبر القرآن، وتجعل القارئ يتأثر به، ويتفاعل مع قراءته وتلاوته له
اختصرتها من كلام الغزالي في الإحياء، وفيها تنبيهات مهمة ورائعة:
تحصيل لذة التلاوة وقراءة القرآن:
اعلم أن هذه اللذة لن تحصل إلا بتوافر عشرة آداب عند تلاوة القرآن الكريم هي: (فهم أصل الكلام. ثم التعظيم، ثم حضور القلب. ثم التدبر. ثم التفهم، ثم التخلي عن موانع الفهم، ثم التخصيص، ثم التأثر، ثم الترقي، ثم التبري).
فالأول: فهم عظمة الكلام وعلوه.
الثاني: التعظيم للمتكلم: فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر، فتعظيم الكلام تعظيم المتكلم، ولن تحضره عظمة المتكلم ما لم يتفكر في صفاته وجلاله وأفعاله، فإذا حضر بباله العرش واستواء ربه عليه، والكرسي الذي وسع السموات والأرض، واستحضر مشهد السموات والأرض وما بينهما من الجن والإنس والدواب والأشجار، وعَلِمَ أن الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد، وأن الكل في قبضة قدرته مترددون بين فضله ورحمته وبين نِقمته وسَطوته، إن أنعم فبفضله وإن عاقب فبعدله، وأنه الذي يقول هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي وهذا غاية العظمة والتعالي، فبالتفكر في أمثال هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام.
¥