وجعلها الله تعالى مسطحة، في قوله سبحانه: " وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ " (الغاشية: 20) حيث جعلها سبحانه سطحاً واسعاً ليتمكّن الناس من العيش فيه بالزراعة والبناء وغيرهما.
وهذه النعم التي أنعم الله بها على خلقه في الأرض اختلفت عن وصف الأرض يوم تقوم الساعة ..
ففي ذلك اليوم وصفها الله تعالى بأنها ممدودة، في قوله سبحانه: " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " (الإنشقاق: 1 - 5).
والأرض التي نحن عليها الآن غير ممدودة، فهي كرة مدورة، ثم هي أيضاً معرجة فيها الجبال والوديان، وفيها السهول والرمال، فهي غير مستوية. أما يوم القيامة فتُمدّ الأرض مدّاً واحداً كمدّ الأديم، أي: كمدّ الجلد (مسند الإمام أحمد 375/ 1، وسنن ابن ماجه أبواب الفتن، باب فتنة الدجال (4081)). كأنما تفرش جلداً أو سماطاً، حتى لا يكون فيها جبال، ولا أودية، ولا أشجار، ولا بناء، يذرها الرب عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً. وإنها تُمدّ حتى إن الذين عليها ـ وهم الخلائق ـ يُسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، حتى يصير أقصاهم مثل أدناهم، كما جاء في الحديث: «يجمع الله تعالى يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفُذُهُم البصر» (أخرجه الخاري كتاب التفسير باب " ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ " (4712) ومسلم كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (194) (327)).
فانظر إلى اختيار كلمة (مُدَّت) في وصف الأرض يوم القيامة في آية سورة الإنشقاق ..
فلم يقل هنا (سُطِحت) لأن التسطيح قد يكون فيه جبال وأودية، كما هو الحال في الأرض.
ولم يقل (فُرشت) لأن الأرض قد انتهت وخرب العالم وما فيه.
ولم يقل (مُهدت) لأنه قد انتهى العالم وأزيل فلا راحة هنا ولا حنان ولا مهاد.
وإنما قال (مُدَّت) لأن الله سبحانه وتعالى يبدّل الأرض يوم القيامة بأرض أخرى، فيمدّها مدّاً حتى لا يصبح فيها لا عوجاً ولا أمتاً، فيحاكم عليها البشرية من أولها إلى آخرها، ويقاضي عليها الإنسانية منذ أن خلقها إلى أن أفناها، فنسأله سبحانه وتعالى أن نكون في ذلك اليوم من السعداء أصحاب الميمنة.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Oct 2005, 01:44 م]ـ
ومن الآيات التي استوقفتني ..
في أوائل فصلت أخبر الله تعالى أن السماوات والأرض ـ في بداية خلقهما ـ "قالتا أتينا طائعين"،وكذلك قالتا في نهاية الخلق،عند قرب يوم القيامة: في قوله سبحانه: " إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ " (الإنشقاق: 1 - 5) ..
فتعجبت،وقلت: ما أكفر ابن آدم هذا المخلوق الضعيف الذي لا يشكل إلا ذرة صغيرة جداً جداً!
ومع ذلك يعرض عن أمر ربه،ويتجرأ على نواهيه،وهو الذي ميزه الله بنعمة العقل ..
بينما السماوات والأرض ـ اللتان هما أكبر من خلق الناس بنص القرآن ـ تعلنان انصياعهما وانقيادهما لأمر ربهما في أول الخلق وآخره ..
فاللهم ارزقنا التسليم لأمرك،والانقياد لحكمك،وأعذنا من التمرد والكفر ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Oct 2005, 03:00 م]ـ
ومن الآيات أيضاً ..
قوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان .. الآية). فقد ربطت بين هذه الآية وحديث عدي بن حاتم - وكان نصرانياً قبل إسلامه - عندما سمع قول الله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله .. ) فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: لم نعبدهم يا رسول الله!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أليسوا إذا حرموا ما أحل الله حرمتموه، وإذا أحلوا ما حرم الله أحللتموه؟) قال: بلى. قال: (فتلك عبادتهم).
فعبادة الشيطان في الآية هي طاعته في معصية الله، وهذا مفهوم واسع، وقد رأيت يوماً مقالاً يتحدث عن قوم من المعاصرين يسمون (عَبَدَة الشيطان)، ورأيت كاتب المقال يستدل بهذه الآية على أن المقصود بعبادة الشيطان هي ما يفعله هؤلاء المنحرفون دون غيرهم. وهذا التخصيص خطأ في فهم الآية، ومفهوم العبادة أوسع من هذا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.